يقول تعالى مخبرًا عن يوم القيامة ، وحشر الظالمين المكذبين{[22186]} بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله ، عز وجل ، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا ، تقريعًا وتوبيخًا ، وتصغيرًا وتحقيرًا فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا } أي : من كل قوم وقرن{[22187]} فوجًا ، أي : جماعة ، { مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا } ، كما قال تعالى : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] ، وقال تعالى { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } [ التكوير : 7 ] .
وقوله : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : يدفعون . وقال قتادة : وَزَعَةٌ ترد{[22188]} أولهم على آخرهم . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمّةٍ فَوْجاً مّمّن يُكَذّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتّىَ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : ويوم نجمع من كلّ قرن وملة فوجا ، يعني جماعة منهم ، وزمرة مِمّنْ يُكَذّبُ بآياتِنا يقول : ممن يكذّب بأدلتنا وحججنا ، فهو يحبس أوّلهم على آخرهم ، ليجتمع جميعهم ، ثم يساقون إلى النار . وبنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلّ أُمّةٍ فَوْجا مِمّنْ يُكَذّبُ بآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ يعني : الشيعة عند الحشر .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مِنْ كُلّ أُمّةٍ فَوْجا قال : زمرة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : نَحْشُرُ مِنْ كُلّ أُمّةٍ فَوْجا قال : زمرة زمرة فَهُمْ يُوزَعُونَ .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مِمّنْ يُكَذّبُ بآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ قال : يقول : فهم يدفعون .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : فَهُمْ يُوزَعُونَ قال : يحبس أوّلهم على آخرهم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة فَهُمْ يُوزَعُونَ قال : وزعة تردّ أولاهم على آخرهم .
وقد بيّنت معنى قوله : يُوزَعُونَ فيما مضى قبل بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .
المعنى واذكر يوم ، وهذا تذكير بيوم القيامة و { نحشر } نجمع ، و { من كل أمة } يريد من كل قرن من الناس متقدم ، لأن كل عصر لم يخل من كفرة بالله من لدن تفرق بني آدم ، و «الفوج » الجماعة الكثيرة من الناس والمعنى ممن حاله أنه مكذب بآياتنا ، و { يوزعون } معناه يكفون في السوق أي يحبس أولهم على آخرهم ، قال قتادة وغيره : ومنه وازع الجيش ، وفيه يقول عبد الشارق بن عبد العزى : [ الوافر ]
فجاؤوا عارضاً برداً وجئنا . . . كمثل السيل نركب وازعينا{[9082]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.