ثم ذكر سبحانه طرفا مجملا من أهوال يوم القيامة بعد بيان مباديها فقال :
{ ويوم نحشر من كل أمة فوجا } العامل في الظروف فعل محذوف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم والحشر الجمع قيل : والمراد بهذا الحشر هو حشر العذاب الخاص بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق ، و ( من ) لابتداء الغاية ، والفوج الجماعة كالزمرة والقوم ، وقيدهم الراغب فقال : الفوج الجماعة المارة المسرعة ، وكان هذا هو الأصل ، ثم أطلق ، وإن لم يكن مرور ولا إسراع ، والجمع أفواج وفوج{[1344]} .
{ ممن يكذب بآياتنا } من بيانه { فهم يوزعون } أي يحبس أولهم على آخرهم لأجل تلاحقهم ، وقيل : معناه يدفعون ، وقد تقدم تحقيقه في هذه السورة مستوفي ، ومعنى الآية واذكر يا محمد يوم نجمع من كل أمة من الأمم جماعة مكذبين بآياتنا فهم عند ذلك الحشر يرد أولهم على آخرهم ، أو يدفعون أي اذكر لهم هذا وبينه تحذيرا لهم وترهيبا { حتى إذا جاءوا } إلى موقف الحساب
{ قال } الله لهم توبيخا وتقريعا : { أكذبتم بآياتي } التي أنزلتها على رسلي وأمرتهم بإبلاغها إليكم { و } الحال أنكم { لم تحيطوا بها علما } بل كذبتم بها بادئ بدئ جاهلين لها غير ناظرين فيها ، ولا مستدلين على صحتها ، أو بطلانها ، تمردا وعنادا وجرأة على الله وعلى رسله ، وفي هذا مزيد تقريع وتوبيخ لأن من كذب بشيء ولم يحط به علما ، فقد كذب في تكذيبه ونادى نفسه بالجهل وعدم الإنصاف وسوء الفهم ، وقصور الإدراك .
ومن هذا قبيل من تصدى لذم علم من علوم الشريعة ، أو لذم علم هو مقدمة من مقدماتها ووسيلة يتوسل بها إليها ، وتنفيذ زيادة بصيرة في معرفتها ، وتعقل معانيها ، كعلوم اللغة العربية بأسرها ، وهي اثنا عشر علما ، وعلم أصول الفقه فإنه يتوصل به استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية مع اشتماله على بيان اللغة الكلية .
وهكذا كل علم من العلوم التي لها مزيد نفع في كتاب الله وسنة رسوله ، فإنه قد نادى على نفسه بأنه جاهل ، مجادل بالباطل ، طاعن على العلوم الشرعية ، مستحق لأن تنزل به قارعة من قوارع العقوبة التي تزجره عن جهله وضلاله ، وطعنه على ما لا يعرفه ، ولا يعلم به ولا يحيط بكنهه ، حتى يصير عبرة لغيره ، وموعظة يتعظ بها أمثاله من ضعفاء العقول وركاك الأديان ورعاع المتلبسين بالعلم زورا وكذبا .
{ أم ماذا ؟ } أم ، هي المنقطعة بمعنى : بل ، والمعنى أي شيء { كنتم تعملون } حتى شغلكم عن النظر فيها والتفكر في معانيها ، وهذا الاستفهام على طريق التبكيت لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.