إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيَوۡمَ نَحۡشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ فَوۡجٗا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (83)

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمَّةٍ فَوْجاً } بيانٌ إجماليٌّ لحال المُكذِّبينَ عند قيامِ السَّاعةِ بعد بيانِ بعضِ مَبَاديها . ويومَ منصوبٌ بمضمرٍ خُوطب به النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام . والمرادُ بهذا الحشرِ هو الحشرُ للعذابِ بعدَ الحشرِ الكُليِّ الشَّاملِ لكافَّةِ الخَلْق . وتوجيهُ الأمرِ بالذكرِ إلى الوقتِ مع أنَّ المقصودَ تذكيرُ ما وقعَ فيه من الحوادثِ قد مرَّ بيانُ سرِّه مراراً أي واذكرُ لهم وقتَ حشرنا أي جمعِنا من كلِّ أمةٍ من أممِ الأنبياءِ عليهم الصَّلاة والسَّلام أو من أهلِ كلِّ قَرن من القُرون جماعةً كثيرةً فمن تبعيضيةٌ لأنَّ كلَّ أمةٍ منقسمةٌ إلى مصدَّقٍ ومكذِّبٍ ، وقولُه تعالى : { مّمَّن يُكَذّبُ بآياتنا } بيانُ للفوجِ أي فوجاً مكذبين بها { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي يُحبس أوَّلُهم على أخرِهم حتىَّ يتلاحقُوا ويجتمعُوا في موقفِ التَّوبيخِ والمُناقشةِ وفيهِ من الدِّلالةِ على كثرةِ عددِهم وتباعُدِ أطرافِهم ما لاَ يخفي . وعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما : أبوُ جهلٍ والوليدُ بن المُغيرة وشَيبةُ بنُ ربيعةَ يُساقون بين يَدَي أهلِ مكَّةَ وهكذا يُحشر قادةُ سائرِ الأُمم بينَ أيديهم إلى النَّارِ .