تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

{ 40 - 42 } { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ * فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ }

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا } أي : العابدين لغير اللّه والمعبودين من دونه ، من الملائكة . { ثُمَّ يَقُولُ } الله { لِلْمَلَائِكَةِ } على وجه التوبيخ لمن عبدهم { أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ } فتبرأوا من عبادتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

28

ويختم هذه الجولة بمشهدهم محشورين يوم القيامة ، حيث يواجههم الله سبحانه بالملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ؛ ثم يذوقون عذاب النار الذي كانوا يستعجلون به ، ويقولون متى هذا الوعد ? كما جاء في أول هذا الشوط :

( ويوم يحشرهم جميعاً ، ثم يقول للملائكة : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ? قالوا : سبحانك أنت ولينا من دونهم . بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون . فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً ، ونقول للذين ظلموا : ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ) . .

فهؤلاء هم الملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، أو يتخذونهم عنده شفعاء . هؤلاء هم يواجهون بهم ، فيسبحون الله تنزيهاً له من هذا الادعاء ، ويتبرأون من عبادة القوم لهم . فكأنما هذه العبادة كانت باطلاً أصلاً ، وكأنما لم تقع ولم تكن لها حقيقة . إنما هم يتولون الشيطان . إما بعبادته والتوجه إليه ، وإما بطاعته في اتخاذ شركاء من دون الله . وهم حين عبدوا الملائكة إنما كانوا يعبدون الشيطان ! ذلك إلى أن عبادة الجن عرفت بين العرب ؛ وكان منهم فريق يتوجه إلى الجن بالعبادة أو الاستعانة : ( بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) . . ومن هنا تجيء علاقة قصة سليمان والجن بالقضايا والموضوعات التي تعالجها السورة ، على طريقة سياقة القصص في القرآن الكريم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

يخبر تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورة الملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى ، فيقول للملائكة : { أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ } ؟ أي : أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم ؟ كما قال في سورة الفرقان : { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } [ الفرقان : 17 ] ، وكما يقول لعيسى : { أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } [ المائدة : 116 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهََؤُلاَءِ إِيّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنّ أَكْثَرُهُم بِهِم مّؤْمِنُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم نحشر هؤلاء الكفار بالله جميعا ، ثم نقول للملائكة : أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوننا ؟ فتتبرأ منهم الملائكة قَالُوا سُبْحَانَكَ ربنا ، تنزيها لك وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء من الشركاء والأنداد أَنْتَ وَلِيّنَا مِنْ دونِهِمْ لا نتخذ وليا دونك بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعا ثُمّ نَقُولُ للْمَلاَئِكة أهَؤُلاءِ إيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ استفهام ، كقوله لعيسى : أءَنْتَ قُلْتَ للنّاسِ اتّخِذُونِي وأُمّيَ إلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ ؟

وقوله : أكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ يقول : أكثرهم بالجنّ مصدّقون ، يزعمون أنهم بنات الله ، تعالى الله عما يقولون عُلُوّا كبيرا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

{ ويوم نحشرهم جميعا } المستكبرين والمستضعفين . { ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } تقريعا للمشركين وتبكيتا لهم وإقناطا لهم عما يتوقعون من شفاعتهم ، وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم ، ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله . وقرأ حفص ويعقوب بالياء فيهما .