تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ولهذا أمر الله رسوله ، أن يقول لهم : إن كنتم صادقين في زعمكم أنكم على الحق ، وأولياء الله : { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ } وهذا أمر خفيف ، فإنهم لو علموا أنهم على حق لما توقفوا عن هذا التحدي الذي جعله الله دليلاً على صدقهم إن تمنوه ، وكذبهم{[1097]}  إن لم يتمنوه ولما لم يقع منهم مع الإعلان لهم بذلك ، علم أنهم عالمون ببطلان ما هم عليه وفساده ، ولهذا قال : { وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي من الذنوب والمعاصي ، التي يستوحشون من الموت من أجلها ، { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } فلا يمكن أن يخفى عليه من ظلمهم شيء .


[1097]:- كذا في ب، وفي أ: أو كذبهم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ثم عقب على هذا التحدي بما يفيد أنهم غير صادقين فيما يدعون ، وأنهم يعرفون أنهم لم يقدموا بين أيديهم ما يطمئنون إليه ، وما يرجون الثواب والقربى عليه ، إنما قدموا المعصية التي تخيفهم من الموت وما وراءه . والذي لم يقدم الزاد يجفل من ارتياد الطريق :

( ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

قال الله تعالى : { وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي : بما يعلمون لهم{[28818]} من الكفر والظلم والفجور ، { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } وقد قدمنا في سورة " البقرة " الكلام على هذه المباهلة لليهود ، حيث قال تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } [ البقرة : 94 - 96 ] وقد أسلفنا الكلام هناك وبينا أن المراد أن يدعوا على الضال{[28819]} من أنفسهم أو خصومهم ، كما تقدمت مباهلة النصارى في آل عمران : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [ آل عمران : 61 ] ومباهلة المشركين في سورة مريم : { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا } [ مريم : 75 ]

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن{[28820]} عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل لعنه الله : إن رأيتُ محمدا عند الكعبة لآتينَّه حتى أطأ على عُنُقه . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو فعل لأخذَته الملائكة عيانًا ، ولو أن اليهود تَمَنَّوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من{[28821]} النار . ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا .

رواه البخاري والترمذي ، والنسائي ، من حديث عبد الرزاق عن معمر ، عن عبد الكريم ، [ به ] {[28822]} {[28823]} قال البخاري : " وتبعه{[28824]} عمرو بن خالد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم " . ورواه النسائي ، أيضا عن عبد الرحمن بن عبد الله الحلَبِي ، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، به أتم{[28825]}


[28818]:- (1) في أ: "هم".
[28819]:- (2) في م: "الضلال".
[28820]:- (3) في م: "بن".
[28821]:- (4) في أ: "في".
[28822]:- (5) زيادة من أ.
[28823]:- (6) المسند (1/248) وصحيح البخاري برقم (4958) وسنن الترمذي برقم (3348) وسنن النسائي الكبرى برقم (11685).
[28824]:- (7) في م، أ: "وتابعه".
[28825]:- (8) سنن النسائي الكبرى برقم (11061).