تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

{ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي : لا تصدعهم رءوسهم كما تصدع خمرة الدنيا رأس شاربها .

ولا هم عنها ينزفون ، أي : لا تنزف عقولهم ، ولا تذهب أحلامهم منها ، كما يكون لخمر الدنيا .

والحاصل{[962]} : أن جميع  ما في الجنة من أنواع النعيم الموجود جنسه في الدنيا ، لا يوجد في الجنة فيه آفة ، كما قال تعالى : { فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى } وذكر هنا خمر الجنة ، ونفى عنها كل آفة توجد في الدنيا .


[962]:- في ب: كل.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) . . فلا هم يفرقون عنها ولا هي تنفد من بين أيديهم . فكل شيء هنا للدوام والأمان

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

وقوله : لا يُصَدّعُونَ عَنْها يقول : لا تصدع رؤوسهم عن شربها فتسكر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني إسماعيل بن موسى السديّ ، قال : أخبرنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد ، قوله : لا يُصَدّعُونَ عَنْها قال : لا تصدّع رؤوسهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لا يُصَدّعُونَ عَنْها ليس لها وجع رأس .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة لا يُصَدّعُونَ عَنْها قال : لا تصدّع رؤوسهم .

حدثنا ابن حمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد لا يُصَدّعُونَ عَنْها يقول : لا تصدّع رؤوسهم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لا يُصَدّعُونَ عَنْها يعني : وجع الرأس .

وقوله : وَلا يُنْزِفُونَ اختلفت القرّاء في قراءته ، فقرأت عامة قرّاء المدينة والبصرة «يُنْزَفُونَ » بفتح الزاي ، ووجهوا ذلك إلى أنه لا تنزف عقولهم . وقرأته عامة قرّاء الكوفة لا يُنْزِفُونَ بكسر الزاي بمعنى : ولا ينفد شرابهم .

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب فيها الصواب .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك على نحو اختلاف القرّاء فيه . وقد ذكرنا اختلاف أقوالهم في ذلك ، وبيّنا الصواب من القول فيه في سورة الصافات ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع ، غير أنا سنذكر قول بعضهم في هذا الموضع لئلا يظنّ ظانّ أن معناه في هذا الموضع مخالف معناه هنالك . ذكر قول من قال منهم : معناه لا تنزف عقولهم .

حدثنا إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد وَلا يُنْزِفُونَ قال : لا تنزف عقولهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وَلا يُنْزِفُونَ قال : لا تنزف عقولهم .

وحدثنا ابن حميد ، مرة أخرى فقال ولا تذهب عقولهم .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا يُنْزَفُونَ لا تنزف عقولهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : وَلا يُنْزِفُونَ قال : لا يغلب أحد على عقله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، في قوله : وَلا يُنْزِفُونَ قال : لا يغلب أحد على عقله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة في قول الله : وَلا يُنْزِفُونَ قال : لا تغلب على عقولهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

والتصديع : الإِصابة بالصُداع ، وهو وجع الرأس من الخُمار الناشىء عن السكر ، أي لا تصيبهم الخمر بصُداع .

ومعنى ( عنها ) مجاوزين لها ، أي لا يقع لهم صداع ناشىء عنها ، أي فهي منزهة عن ذلك بخلاف خمور الدنيا فاستعملت ( عن ) في معنى السببية .

وعُطف { ولا ينزفون } على { لا يصدعون عنها } فيقدر له متعلق دل عليه متعلق { لا يصدعون } فقد قال في سورة الصافات ( 47 ) ، { ولا هم عنها ينزفون } أي لا يعتريهم نَزْف بسببها كما يحصل للشاربين في الدنيا .

والنزْف : اختلاط العقل ، وفعله مبني للمجهول يقال : نُزف عقله مثل : عُني فهو منزوف .

وقرأ الجمهور { يُنزَفون } بفتح الزاي من أنزف الذي همزته للتعدية . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بكسر الزاي من أنزف المهموز القاصر إذا سَكر وذهر عقله .