{ عَلِمَتْ نَفْسٌ } أي : كل نفس ، لإتيانها في سياق الشرط .
{ مَا أَحْضَرَتْ } أي : ما حضر لديها من الأعمال [ التي قدمتها ] كما قال تعالى : { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } وهذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم القيامة ، من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب ، وتشتد من أجلها الكروب ، وترتعد الفرائص وتعم المخاوف ، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم ، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم ، ولهذا قال بعض السلف : من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين ، فليتدبر سورة { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }
عندما تقع هذه الأحداث الهائلة كلها ، في كيان الكون ، وفي أحوال الأحياء والأشياء . عندئذ لا يبقى لدى النفوس شك في حقيقة ما عملت ، وما تزودت به لهذا اليوم ، وما حملت معها للعرض ، وما أحضرت للحساب :
كل نفس تعلم ، في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها . . تعلم وهذا الهول يحيط بها ويغمرها . . تعلم وهي لا تملك أن تغير شيئا مما أحضرت ، ولا أن تزيد عليه ولا أن تنقص منه . . تعلم وقد انفصلت عن كل ما هو مألوف لها ، معهود في حياتها أو تصورها . وقد انقطعت عن عالمها وانقطع عنها عالمها . وقد تغير كل شيء وتبدل كل شيء ، ولم يبقى إلا وجه الله الكريم ، الذي لا يتحول ولا يتبدل . . فما أولى أن تتجه النفوس إلى وجه الله الكريم ، فتجده - سبحانه - عندما يتحول الكون كله ويتبدل !
وبهذا الإيقاع ينتهي المقطع الأول وقد امتلأ الحس وفاض بمشاهد اليوم الذي يتم فيه هذا الانقلاب .
وقوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ يقول تعالى ذكره : علمت نفس عند ذلك ما أَحضرت من خير ، فتصير به إلى الجنة ، أو شرّ فتصير به إلى النار ، يقول : يتبين له عند ذلك ما كان جاهلاً به ، وما الذي كان فيه صلاحه من غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ من عمل ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وإلى هذا جرى الحديث .
وقوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ جواب لقوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ وما بعدها ، كما يقال : إذا قام عبد الله قعد عمرو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.