تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡـٔٗا قَلِيلًا} (74)

{ وَ } مع هذا ف { لَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ } على الحق ، وامتننا عليك بعدم الإجابة لداعيهم ، { لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } من كثرة المعالجة ، ومحبتك لهدايتهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡـٔٗا قَلِيلًا} (74)

القول في تأويل قوله تعالى { وَلَوْلاَ أَن ثَبّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : ولولا أن ثبّتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئا قَلِيلاً يقول : لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئا قليلاً ، وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم همّ به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر حين نزلت هذه الاَية ، ما :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله وَلَوْلا أنْ ثَبّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنْ إلَيْهِمْ شَيْئا قَلِيلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَكِلْنِي إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡـٔٗا قَلِيلًا} (74)

وقوله { لولا أن ثبتناك } الآية ، تعديد نعمة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية قال «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين »{[7648]} و «الركون » شد الظهر إلى الأمر أو الحزم على جهة السكون إليه ، كما يفعل الإنسان بالركن من الجدران ومنه قوله تعالى حكاية . { أو آوي إلى ركن شديد }{[7649]} ، وقرأ الجمهور «تركَن » بفتح الكاف ، وقرأ ابن مصرف وقتادة وعبد الله بن أبي إسحاق «تركُن » بضم الكاف ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركن ، لكنه كاد بحسب همه بموافقتهم طمعاً منه في استئلافهم ، وذهب ابن الأنباري إلى أن معناه لقد كاد أن يخبروا عنك أنك ركنت ، ونحو هذا ذهب في ذلك إلى نفي الهم بذلك النبي عليه السلام ، فحمل اللفظ ما لا يحتمل ، وقوله { شيئاً قليلاً } يبطل ذلك ، وهذا الهم من النبي عليه السلام إنما كانت خطرة مما لا يمكن دفعه ، ولذلك قيل { كدت } ، وهي تعطي أنه لم يقع ركون ، ثم قيل { شيئاً قليلاً } إذ كانت المقاربة التي تتضمنها { كدت } قليلة خطرة لم تتأكد في النفس ، وهذا الهمّ هو كهمّ يوسف عليه السلام ، والقول فيهما واحد .


[7648]:أخرج أبو داود في الأدب، وأحمد في مسنده (5 ـ 42 ، 50)، عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة أنه قال لأبيه: يا أبت، إني أسمعك تدعو كل غداة: اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت، تعدها ثلاثا حين تصبح، وثلاثا حين تمسي، وتقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت، تعيدها حين تصبح ثلاثا، وثلاثا حين تمسي، قال: نعم يا بني، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن، فأحب أن استن بسنته، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح شأني كله، لا إله إلا أنت). لكن هذه الرواية لا تثبت ما ذكره ابن عطية من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما نزلت الآية الكريمة، إلا أنها أيضا لا تنفي ذلك، فقد ذكر الراوي أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بكذا، وأنه عليه الصلاة والسلام قال كذا، فتأمله. ورواية المؤلف عن قتادة. وقد أخرجها ابن جرير الطبري بسنده، عن محمد بن بشار، عن سليمان، عن أبي هلال، عن قتادة رضي الله عنه. وقد ذكرها أبو حيان في البحر المحيط نقلا عن الطبري.
[7649]:من الآية (80) من سورة (هود).