{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى .
وبالليل إذا سجى وادلهمت ظلمته ، على اعتناء الله برسوله صلى الله عليه وسلم فقال : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ }
وقوله : وَاللّيْلِ إذَا سَجَى اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : والليل إذا أقبل بظلامه . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس . وَاللّيلِ إذَا سَجَى يقول : والليل إذا أقبل .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قول الله : وَاللّيْلِ إذَا سَجَى قال : إذا لَبِس الناسَ ، إذا جاء .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إذا ذهب . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس وَاللّيْلِ إذَا سَجَى يقول : إذا ذهب .
وقال آخرون : معناه : إذا استوى وسكن . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مِهْران وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع جميعا ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَاللّيْلِ إذَا سَجَى قال : إذا استوى .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَاللّيْلِ إذَا سَجَى قال : إذا استوى .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَاللّيْلِ إذَا سَجَى سكن بالخلق .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : وَاللّيْلِ إذَا سَجَى يعني : استقراره وسكونه .
حدثني يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَاللّيْلِ إذَا سَجَى قال : إذا سكن ، قال : ذلك سَجْوه ، كما يكون سكون البحر سجوه .
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي في ذلك قول من قال معناه : والليل إذا سكن بأهله ، وثبت بظلامه ، كما يقال : بحر ساج : إذا كان ساكنا ومنه قول أعشى بني ثعلبة .
فَمَا ذَنْبُنا إنْ جاشع بَحْرُ ابنِ عَمّكُمْ *** وَبَحْرُكَ ساجٍ ما يُوَارِي الدّعامِصَا
يا حَبّذَا القَمْرَاءُ وَاللّيْلُ السّاجْ *** وطُرُقٌ مِثْلُ مُلاءِ النّسّاجْ
و { سجى } معناه سكن ، واستقر ليلاً تاماً ، وقال بعض المفسرين { سجى } معناه أقبل ، وقال آخرون : معناه أدبر والأول أصح ، ومنه قول الشاعر : [ الحارثي ] : [ الراجز ]
يا حبذا القمراء والليل الساج . . . وطرق مثل ملاء النساج{[11867]}
ويقال بحر ساج أي ساكن ومنه قول الأعشى : [ الطويل ]
وما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم . . . وبحرك ساج لا يواري الدعامصا{[11868]}
القسم لتأكيد الخبر ردّاً على زعم المشركين أن الوحي انقطع عن النبي صلى الله عليه وسلم حين رأوه لم يقم الليل بالقرآن بضع ليال . فالتأكيد منصبٌ على التعريض المعرض به لإِبطال دعوى المشركين . فالتأكيد تعريض بالمشركين وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتردد في وقوع ما يخبره الله بوقوعه .
ومناسبة القسم ب { الضحى } و{ الليل } أن الضحى وقتُ انبثاق نور الشمس فهو إيماء إلى تمثيل نزول الوحي وحصول الاهتداء به ، وأن الليل وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن ، وهو الوقت الذي كان يَسمع فيه المشركون قراءتَه من بيوتهم القريبة من بيته أو من المسجد الحرام .
ولذلك قُيد { الليل } بظَرف { إذا سجى } . فلعل ذلك وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً } [ المزمل : 2 ، 3 ] .
والضحى تقدم بيانه عند قوله تعالى : { والشمس وضحاها } [ الشمس : 1 ] .
وكتب في المصحف { والضحى } بألف في صورة الياء مع أن أصل ألفه الواو لأنهم راعوا المناسبة مع أكثر الكلمات المختومة بألف في هذه السورة فإن أكثرها مُنقلبَة الألِف عن الياء ، ولأن الألف تجري فيها الإمالة في اللغات التي تُميل الألفَ التي من شأنها أن لا تُمال إذا وقعت مع ألففٍ تمال للمناسبة كما قال ابن مالك في « شرح كافيته » .
ويقال : سجا الليل سَجْواً بفتح فسكون ، وسُجُوا بضمتين وتشديد الواو ، إذا امتد وطال مدة ظلامه مثل سجو المرء بالغطاء ، إذا غطي به جميع جسده وهو واوي ورسم في المصحف بألف في صورة الياء للوجه المتقدم في كتابة { الضحى } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.