تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَمَّا سُقِطَ فِيٓ أَيۡدِيهِمۡ وَرَأَوۡاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمۡ يَرۡحَمۡنَا رَبُّنَا وَيَغۡفِرۡ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (149)

وَلَمَّا رجع موسى إلى قومه ، فوجدهم على هذه الحال ، وأخبرهم بضلالهم ندموا و سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ أي : من الهم والندم على فعلهم ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا فتنصلوا ، إلى اللّه وتضرعوا و قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا فيدلنا عليه ، ويرزقنا عبادته ، ويوفقنا لصالح الأعمال ، وَيَغْفِرْ لَنَا ما صدر منا من عبادة العجل لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الذين خسروا الدنيا والآخرة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَمَّا سُقِطَ فِيٓ أَيۡدِيهِمۡ وَرَأَوۡاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمۡ يَرۡحَمۡنَا رَبُّنَا وَيَغۡفِرۡ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (149)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمّا سُقِطَ فَيَ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنّهُمْ قَدْ ضَلّواْ قَالُواْ لَئِن لّمْ يَرْحَمْنَا رَبّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . .

يعني تعالى ذكره بقوله : ولَمّا سُقِطَ فِي أيْدِيهمْ : ولما ندم الذين عبدوا العجل الذي وصف جلّ ثناؤه صفته عند رجوع موسى إليهم ، واستسلموا لموسى وحكمه فيهم . وكذلك تقول العرب لكلّ نادم على أمر فات منه أو سلف وعاجز عن شيء : «قد سقط في يديه » و«أسقط » لغتان فصيحتان ، وأصله من الاستئسار ، وذلك أن يضرب الرجل الرجل أو يصرعه ، فيرمي به من يديه إلى الأرض ليأسره فيكتفه ، فالمرميّ به مسقوط في يدي الساقط به ، فقيل لكلّ عاجز عن شيء ومصارع لعجزه متندم على ما فاته : سقط في يديه وأسقط . وعنى بقوله : وَرَأَوْا أنّهُمْ قَدْ ضَلّوا ورأوا أنهم قد جاروا عن قصد السبيل وذهبوا عن دين الله ، وكفروا بربهم ، قالوا تائبين إلى الله منيبين إليه من كفرهم به : لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَنكُونَنّ مِنَ الخاسِرِينَ .

ثم اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء أهل المدينة ومكة والكوفة والبصرة : لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبّنا بالرفع على وجه الخبر . وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة : «لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنا رَبّنا » بالنصب بتأويل لئن لم ترحمنا يا ربنا ، على وجه الخطاب منهم لربهم . واعتلّ قارئو ذلك كذلك بأنه في إحدى القراءتين : «قالوا لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنا رَبّنا وَتَغْفِرْ لَنا » ، وذلك دليل على الخطاب .

والذي هو أولى بالصواب من القراءة في ذلك القراءة على وجه الخبر بالياء في «يرحمنا » وبالرفع في قوله «ربّنا » ، لأنه لم يتقدّم ذلك ما يوجب أن يكون موجها إلى الخطاب . والقراءة التي حكيت على ما ذكرنا من قراءتها : «قالوا لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنا رَبّنا » لا نعرف صحتها من الوجه الذي يجب التسليم إليه . ومعنى قوله : لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبّنا وَيَغْفِرْ لَنا : لئن لم يتعطف علينا ربنا بالتوبة برحمته ، ويتغمد بها ذنوبنا ، لنكوننّ من الهالكين الذين حبطت أعمالهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا سُقِطَ فِيٓ أَيۡدِيهِمۡ وَرَأَوۡاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمۡ يَرۡحَمۡنَا رَبُّنَا وَيَغۡفِرۡ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (149)

{ ولما سُقط في أيديهم } كناية عن اشتداد ندمهم فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها . وقرئ " سِقط " على بناء الفعل للفاعل بمعنى وقع العض فيها ، وقيل معناه سقط الندم في أنفسهم . { ورأوا } وعلموا . { أنهم قد ضلّوا } باتخاذ العجل . { قالوا لئن لم يرحمنا ربنا } بإنزال التوراة . { ويغفر لنا } بالتجاوز عن الخطيئة . { لنكونن من الخاسرين } وقرأهما حمزة والكسائي بالتاء و{ ربنا } على النداء .