تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (13)

{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ } كما وعدناها بذلك { كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ } بحيث إنه تربى عندها على وجه تكون فيه آمنة مطمئنة ، تفرح به ، وتأخذ الأجرة الكثيرة على ذلك ، { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } فأريناها بعض ما وعدناها به عيانا ، ليطمئن بذلك قلبها ، ويزداد إيمانها ، ولتعلم أنه سيحصل وعد اللّه في حفظه ورسالته ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } فإذا رأوا السبب متشوشا ، شوش ذلك إيمانهم ، لعدم علمهم الكامل ، أن اللّه تعالى يجعل المحن الشاقة والعقبات الشاقة ، بين يدي الأمور العالية والمطالب الفاضلة ، فاستمر موسى عليه الصلاة والسلام عند آل فرعون ، يتربى في سلطانهم ، ويركب مراكبهم ، ويلبس ملابسهم ، وأمه بذلك مطمئنة ، قد استقر أنها أمه من الرضاع ، ولم يستنكر ملازمته إياها وحنوها عليها .

وتأمل هذا اللطف ، وصيانة نبيه موسى من الكذب في منطقه ، وتيسير الأمر ، الذي صار به التعلق بينه وبينها ، الذي بان للناس أنه هو الرضاع ، الذي بسببه يسميها أُمَّا ، فكان الكلام الكثير منه ومن غيره في ذلك كله ، صدقا وحقا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىَ أُمّهِ كَيْ تَقَرّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : فَرَدَدْنَا موسى إلَى أُمّهِ بعد أن التقطه آل فرعون ، لتقرّ عينها بابنها ، إذ رجع إليها سليما من قَتل فرعون وَلا تَحْزَنْ على فراقه إياها وَلِتَعْلَمَ أنّ وَعْدَ اللّهِ الذي وعدها إذ قال لها فإذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فأَلْقِيهِ فِي الْيَمّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي . . . الاَية ، حقّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة فَرَدَدْناهُ إلى أُمّهِ فقرأ حتى بلغ لا يَعْلَمُونَ ووعدها أنه رادّه إليها وجاعله من المرسلين ، ففعل الله ذلك بها .

وقوله : وَلكِنّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره : ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أن وعد الله حقّ ، لا يصدّقون بأن ذلك كذلك .