البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (13)

{ فرددناه إلى أمّه } ، كما قال تعالى : { إنّا رادّوه إليك } ، ودمع الفرح بارد ، وعين المهموم حرى سخنة ، وقال أبو تمام :

فأما عيون العاشقين فأسخنت *** وأما عيون الشامتين فقرت

لما أنجز تعالى وعده في الردّ ، ثبت عندها أنه سيكون نبياً رسولاً .

{ ولتعلم أن وعد الله حق } ، فعلنا ذلك .

ولا يعلمون ، أي أن وعد الله حق ، فهم مرتابون فيه ؛ أو لا يعلمون أن الرد إنما كان لعلمها بصدق وعد الله .

ولكن أكثر الناس لا يعلمون بأن الرد كان لذلك ، وفي قوله : { ولتعلم أن وعد الله حق } دلالة على ضعف من ذهب إلى أن الإيحاء إليها كان إلهاماً أو مناماً ، لأن ذلك يبعد أن يقال فيه وعد .

وقوله : ولتعلم وقوع ذلك فهو علم مشاهدة ، إذ كانت عالمة أن ذلك سيكون ، وأكثرهم هم القبط ، ولا يعلمون سرّ القضاء .

وقال الضحاك : لا يعلمون مصالحهم وصلاح عواقبهم .

وقال الضحاك أيضاً ، ومقاتل : لا يعلمون أن الله وعدها رده إليها ،