غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَرَدَدۡنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (13)

1

فانطلقت إلى أمها بأمرهم فجاءت بها والصبي يعلله فرعون شفقة عليه وهو يبكي يطلب الرضاع ، فحين وجد ريحها استأنس والتقم ثديها . فقال لها فرعون : ومن أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك ؟ قالت : إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أوتى بصبي إلا قبلني فدفعه إليها وعين أجرها . قال في الكشاف : إنما أخذت الأجر على إرضاع ولدها لأنه مال حربي استطابته على وجه الاستباحة . قلت : ولعل ذلك لدفع التهمة فإن مال الحربي لم يكن مستطاباً بدليل قوله { وأحلت لي الغنائم } قالوا : كانت عالمة بأن الله تعالى سينجز وعده ولكن ليس الخبر كالعيان فلهذا قال سبحانه { ولتلعم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم } أي أكثر الناس { لا يعلمون } حقية وعده في ذلك العهد وبعده لإعراضهم عن النظر في آيات الله . وقال الضحاك ومقاتل : يعني أهل مصر لا يعلمون أن الله وعد رده إليها . قلت : ويؤيد هذا القول أنه اقتصر على الضمير دون أن يقول " ولكن أكثر الناس " كما قال في سورة يوسف { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ يوسف : 21 ] وقيل : هذا تعريض بما فرط منها حين سمعت بخبر موسى فجزعت وأصبح فؤادها فارغاً . وعلى هذا يحتمل أن يكون قوله { ولكن أكثرهم لا يعلمون } من جملة ما يعلمها أي ولتعلم حقية وعد الله وهذا الاستدراك . وجوز في الكشاف أن يتعلق الاستدراك بقوله { ولتعلم } المقصود أن الرد به إنما كان لهذا الغرض الديني وهو العلم بصدق وعد الله { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن هذا هو الغرض الأصلي الذي ما سواه تبع له من قرة العين وذهاب الحزن .

/خ21