تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

{ قل صدق الله } . أي : فيما أخبر به وحكم ، وهذا أمر من الله لرسوله ولمن يتبعه أن يقولوا بألسنتهم : صدق الله ، معتقدين بذلك في قلوبهم عن أدلة يقينية ، مقيمين هذه الشهادة على من أنكرها ، ومن هنا تعلم أن أعظم الناس تصديقا لله أعظمهم علما ويقينا بالأدلة التفصيلية السمعية والعقلية ، ثم أمرهم باتباع ملة أبيهم إبراهيم عليه السلام بالتوحيد وترك الشرك الذي هو مدار السعادة ، وبتركه حصول الشقاوة ، وفي هذا دليل على أن اليهود وغيرهم ممن ليس على ملة إبراهيم مشركون غير موحدين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

ثم أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعوهم إلى اتباع ملة إبراهيم إن كانوا حقا يريدون اتباعها فقال - تعالى - : { قُلْ صَدَقَ الله فاتبعوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } أي : قل - يا محمد - لهؤلاء اليهود الذين جادلوك بالباطل ولكل من كان على شاكلتهم فى الكذب والظلم ، قل لهم جميعا : صدق الله فيما أخبرنا به فى قوله - تعالى - كُلُّ الطعام كَانَ حِلاًّ لبني إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ على نَفْسِهِ } وفى كل ما أخبرنا به فى كتابه وعلى لسان رسوله . وأنتم الكاذبون فى دعواكم .

وإذا كنتم تريدون الوصول إلى الطريق القويم حقا { فاتبعوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } أى فاتبعوا ملة الإسلام التى عليها محمد صلى الله عليه وسلم وعليها من آمن به ، فهم المتبعون حقا لإبراهيم - عليه السلام - وهم أولى الناس به ، لأن إبراهيم ما كان يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما .

أى كان متجها إلى الحق لا ينحرف عنه إلى غيره من الأديان أو الأقوال أو الأفعال الباطلة .

وكان مسلما ، أى كان مسلما وجهه لله ، مفردا إياه بالعبادة والطاعة والخضوع ثم نفى الله - تعالى-عن إبراهيم كل لون من ألوان الشرك بأبلغ وجه فقال { وَمَا كَانَ مِنَ المشركين } .

أى ما كان إبراهيم فى أى أمر من أموره من الذين يشركون مع الله آلهة أخرى ، وإنما كان مخلصا عبادته لله وحده .

وفى ذلك تعريض بشرك اليهود وغيرهم من أهل الكفر والضلال ، وتنبيه إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم وأتباعه هم المتبعون حقا لإبراهيم ، فقد أمر الله - محمداً صلى الله عليه وسلم أن يسير على طريقة أبيه إبراهيم فقال :

{ ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المشركين } وبذلك نرى أن الآيات الكريمة قد حكت قضية من القضايا الكثيرة التى جادل اليهود فيها النبى صلى الله عليه وسلم ، وقد لقنت الآيات النبى صلى الله عليه وسلم الجواب الذى يخرس ألسنتهم ، ويكشف عن كذبهم وافترائهم وظلمهم ، ويرشدهم ويرشد كل من يتأتى له الخطاب إلى الملة القويمة إن كانوا حقاً يريدون الاهتداء إلى الصراط المستقيم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ صَدَقَ ٱللَّهُۗ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (95)

ثُمّ أعلنَ أن المتعيّن في جانبه الصّدق هو خبَر الله تعالى للجزم بأنهم لا يأتون بالتوراة ، وهذا كقوله : { ولن يتمنّوه أبداً } [ البقرة : 95 ] وبعد أن فرغ من إعلان كذبهم بالحجَّة القاطعة قال : { قل صدق الله } وهو تعريض بكذبهم لأنّ صدق أحد الخبرين المتنافيين يستلزم كذب الآخر ، فهو مستعمل في معناه الأصلي والكنائي .

والتَّفريع في قوله : { فاتبعوا ملة إبراهيم جنيفاً } تفريع على { صدق الله } لأنّ اتّباع الصادق فيما أمر به مَنجاة من الخطر .