تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

{ قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } الذي لا يستحق العبادة إلا هو ، ولهذا قال : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي : منقادون لعبوديته مستسلمون لألوهيته ، فإن فعلوا فليحمدوا ربهم على ما منَّ عليهم بهذه النعمة التي فاقت المنن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

ثم أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخبر الناس بأن رسالته لحمتها وسداها الدعوة إلى عبادة الله - تعالى - وحده فقال : { قُلْ إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ . . . } .

أى : قل - يا محمد - للناس : إن الذى أوحاه الله - تعالى - إلىّ من تكاليف وهدايات وعبادات وتشريعات . . . تدور كلها حول إثبات وحدانيته - سبحانه - ووجوب إخلاص العبادة له وحده .

قال الآلوسى - رحمه الله - : " ذهب جماعة إلى أن فى الآية حصرين : الأولى : لقصر الصفة على الموصوف . والثانى : لقصر الموصوف على الصفة .

فالأول : قصر فيه الوحى على الوحدانية . والثانى : قصر فيه الله - تالى - على الوحدانية ، والمعنى : ما يوحى إلىّ إلا اختصاص الله بالوحدانية ، ومعنى هذا القصر أنه الأصل الأصيل وما عداه راجع إليه ، أو غير منظور إليه فى جانبه . . . " .

والاستفهام فى قوله - سبحانه - : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } للتحضيض أى : ما دام الأمر كما ذكر لكم فأسلموا لتسلموا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

يقول تعالى آمرًا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن يقول للمشركين : { إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي : متبعون على ذلك ، مستسلمون منقادون{[19952]} له .


[19952]:- في ت : "متقاربين".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

{ قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد } أي ما يوحى إلي إلا أنه لا إله لكم إلا إله واحد ، وذلك لأن المقصود الأصلي من بعثته مقصور على التوحيد فالأولى لقصر الحكم على الشيء والثانية على العكس . { فهل أنتم مسلمون } مخلصون العبادة لله تعالى على مقتضى الوحي المصدق بالحجة ، وقد عرفت أن التوحيد مما يصح إثباته بالسمع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (108)

عقب الوصف الجامع لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم من حيث ما لها من الأثر في أحوال البشر بوصف جامع لأصل الدعوة الإسلامية في ذاتها الواجب على كلّ متبع لها وهو الإيمان بوحدانية الله تعالى وإبطالُ إلهية ما سواه ، لنبذ الشرك المبثوث بين الأمم يومئذ . وللاهتمام بذلك صُدرت جملته بالأمر بأن يقول لهم لاستصغاء أسماعهم .

وصيغت الجملة في صيغة حصر الوحي إليه في مضمونها لأن مضمونها هو أصل الشريعة الأعظم ، وكل ما تشتمل عليه الشريعة متفرع عليه ، فالدعوة إليه هي مَقادة الاجتلاببِ إلى الشريعة كلّها ، إذ كان أصل الخلاف يومئذ بين الرسول ومُعانديه هو قضية الوحدانية ولذلك قالوا : { أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب } [ ص : 5 ] .

وما كان إنكارهم البعث إلا لأنهم لم يجدوه في دين شركهم إذ كان الذين وضعوا لهم الشرك لا يحدثونهم إلا عن حالهم في الدنيا فما كان تصلبهم في إنكار البعث إلا شعبة من شعب الشرك . فلا جرم كان الاهتمام بتقرير الوحدانية تضييقاً لشقة الخلاف بين النبي وبين المشركين المعرضين الذين افتتحت السورة بوصف حالهم بقوله تعالى : { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدَث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم } [ الأنبياء : 13 ] .

وأفادت ( إنما ) المكسورة الهمزة وإتلاؤها بفعل { يوحى } قصر الوحي إلى الرسول على مضمون جملة { أنّما إلهكم إله واحد } . وهو قصر صفة على موصوف . و ( أنما ) المفتوحة الهمزة هي أخت « إنما » المكسورة الهمزة في إفادة القصر لأن ( أنَما ) المفتوحة مركبة من ( أنّ ) المفتوحة الهمزة و ( مَا ) الكافّة . كما ركبت ( إنّما ) المكسورة من ( إِن ) المكسورة الهمزة و ( ما ) الكافّة . وإذ كانت ( أنّ ) المفتوحة أخت ( إن ) المكسورة في إفادة التأكيد فكذلك كانت عند اتصالها ب ( ما ) الكافّة أختاً لها في إفادة القصر . وتقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى : { فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } في سورة العقود ( 92 ) .

وإذ قد أُتليتْ ( أنَما ) المفتوحة بالاسم الجامع لحقيقة الإله ، وأخبر عنه بأنه إلهٌ واحد فقد أفادت أن صاحب هذه الحقيقة مستأثر بالوحدانية فلا يكون في هذه الحقيقة تعدد أفراد فأفادت قصراً ثانياً ، وهو قصر موصوف على صفة .

والقصر الأول إضافي ، أي ما يوحى إلي في شأن الإله إلا أن الإله إله واحد . والقصر الثاني أيضاً إضافي ، أي في شأن الإله من حيث الوحدانية . ولما كان القصر الإضافي من شأنه ردُّ اعتقاد المخاطب بجملة القصر لزم اعتبار ردّ اعتقاد المشركين بالقصرين .

فالقصر الأول لإبطال ما يُلبسون به على الناس من أن محمداً يدعو إلى التوحيد ثم يذكر الله والرحمان ، ويُلبسون تارة بأنه ساحر لأنه يدعو إلى ما لا يُعقل ، قال تعالى : { وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب }

[ ص : 45 ] فيكون معنى الآية في معنى قوله تعالى : { قل ما كنت بدعاً من الرسل } [ الأحقاف : 9 ] وقوله تعالى : { واسأل من أرسلنا قبلك من رُسُلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } [ الزخرف : 45 ] .

ثم إن كلا القصرين كان كلمة جامعة لدعوة الإسلام تقريباً لشقة الخلاف والتشعيب . وعلى جميع هذه الاعتبارات تفرع عليها جملة { فهل أنتم مسلمون } .

والاستفهام حقيقي ، أي فهل تسلمون بعد هذا البيان . وهو مستعمل أيضاً في معنى كنائي وهو التحريض على نبذ الإشراك وعلى الدخول في دعوة الإسلام .

واسم الفاعل مستعمل في الحال على أصله ، أي فهل أنتم مسلمون الآن استبطاء لتأخر إسلامهم . وصيغ ذلك في الجملة الاسمية الدالة على الثبات دون أن يقال : فهل تسلمون ، لإفادة أن المطلوب منهم إسلام ثابت . وكأنّ فيه تعريضاً بهم بأنهم في ريب يترددون .