تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

{ 32 - 35 } { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }

يقول تعالى ، محذرا ومخيرا : أنه لا أظلم وأشد ظلما { مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ } إما بنسبته إلى ما لا يليق بجلاله ، أو بادعاء النبوة ، أو الإخبار بأن اللّه تعالى قال كذا ، أو أخبر بكذا ، أو حكم بكذا وهو كاذب ، فهذا داخل في قوله تعالى : { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } إن كان جاهلا ، وإلا فهو أشنع وأشنع .

{ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ }{[767]}  أي : ما أظلم ممن جاءه الحق المؤيد بالبينات فكذبه ، فتكذيبه ظلم عظيم منه ، لأنه رد الحق بعد ما تبين له ، فإن كان جامعا بين الكذب على اللّه والتكذيب بالحق ، كان ظلما على ظلم .

{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } يحصل بها الاشتفاء منهم ، وأخذ حق اللّه من كل ظالم وكافر . { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }


[767]:- في النسختين: أو كذب بالحق لما جاءه.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم بين - سبحانه - أنه لا أحد أشد ظلما ممن كذب على الله - تعالى - وكذب بالصدق إذ جاءه ، وأن من صفات المتقين أنهم يؤمنون بالحق ، ويدافعون عنه ، وأنه - سبحانه - سيكفر عنهم سيئاتهم . . . فقال - تعالى - :

{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله . . . } .

الفاء فى قوله - تعالى - : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله . . . } لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والاستفهام للإِنكار والنفى .

أى ما دام الأمر كما ذكرنا لك - أيها الرسول الكريم - من أنك ستموت وهم سيموتون ، وأنكم جميعا ستقفون أمام ربكم للحساب والجزاء . . فلا أحد أشد ظلما من هؤلاء المشركين الذين كذبوا على الله ، بأن عبدوا من دونه آلهة أخرى ، ونسبوا إليه الشريك أو الولد ، ولم يكتفوا بكل ذلك ، بل كذبوا بالأمر الصدق وقت أن جئتهم به من عند ربك .

والتعبير بقوله : { وَكَذَّبَ بالصدق إِذْ جَآءَهُ } يدل على أنهم بادروا بتكذيب ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند ربه ، بمجرد أن سمعوه ، ودون أن يتدبروه أو يفكروا فيه .

وتكذيبهم بالصدق ، يشمل تكذيبهم للقرآن الكريم ، ولكل ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم .

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } للتقرير .

والمثوى : المكان مأخذو من قولهم ثوى فلان بمكان كذا ، إذا أقام به . يقال : ثَوَى يثوِى ثَواء ، كمضَى يمضِى مَضَاء . .

أى : أليس فى جهنم مكانا يكفى لإِهانة الكافرين وإذلالهم وتعذيبهم ؟ بل إن فيها لمكانا يذلهم ويذوقون فيه سوء العذاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

يقول تعالى مخاطبا للمشركين الذين افتروا على الله ، وجعلوا معه آلهة أخرى ، وادعوا أن الملائكة بنات الله ، وجعلوا لله ولدا - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - ومع هذا كذبوا بالحق إذ جاءهم على ألسنة رسل الله ، صلوات الله [ وسلامه ]{[25127]} عليهم أجمعين ، ولهذا قال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ } أي : لا أحد أظلم من هذا ؛ لأنه جمع بين طرفي الباطل ، كذب على الله ، وكَذَّب رسول الله ، قالوا الباطل وردوا الحق ؛ ولهذا قال متوعدا لهم : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } وهم الجاحدون المكذبون .


[25127]:- زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

{ فمن أظلم ممن كذب على الله } بإضافة الولد والشريك إليه . { وكذب بالصدق } وهو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . { إذ جاءه } من غير توقف وتفكر في أمره . { أليس في جهنم مثوى للكافرين } وذلك يكفيهم مجازاة لأعمالهم ، واللام تحتمل العهد والجنس ، واستدل به على تكفير المبتدعة فإنهم يكذبون بما علم صدقه وهو ضعيف لأنه مخصوص بمن فاجأ ما علم مجيء الرسول به بالتكذيب .