فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم بيّن سبحانه حال كل فريق من المختصمين ، فقال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله } أي لا أحد أظلم ممن كذب على الله ، فزعم أن له ولداً ، أو شريكاً ، أو صاحبة { وَكَذَّبَ بالصدق إِذْ جَاءهُ } ، وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعاء الناس إلى التوحيد ، وأمرهم بالقيام بفرائض الشرع ، ونهيهم عن محرّماته ، وإخبارهم بالبعث والنشور ، وما أعدّ الله للمطيع والعاصي . ثم استفهم سبحانه استفهاماً تقريرياً ، فقال : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى للكافرين } أي أليس لهؤلاء المفترين المكذّبين بالصدق ، والمثوى : المقام ، وهو مشتق من ثوى بالمكان إذا أقام به يثوى ثواء وثوياً ، مثل مضى مضاء ومضياً . وحكى أبو عبيد أنه يقال : أثوى ، وأنشد قول الأعشى :

أثوى وأقصر ليله ليرودا *** ومضى وأخلف من قبيلة موعدا

وأنكر ذلك الأصمعي ، وقال : لا نعرف أثوى .

/خ35