فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ} (32)

ثم بين سبحانه حال كل فريق من المختصمين فقال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ( 32 ) }{ فَمَنْ } أي لا أحد { أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ } فزعم أن له ولدا أو شريكا أو صاحبة { وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ } وهو ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعاء الناس إلى التوحيد ، وأمرهم بالقيام بفرائض الشرع ، ونهيهم عن محرماته ، وإخبارهم بالبعث والنشور ، وما أعد الله للمطيع والعاصي ، وقوله : { إذ جاءه } ظرف لكذب بالصدق أي كذب بالقرآن في وقت مجيئه . أي فاجأه بالتكذيب لما سمعه من غير وقفة ، ولا إعمال روية بتمييز بين حق وباطل كما يفعل أهل النُّصْفَة فيما يسمعون ، ثم استفهم سبحانه استفهاما تقريريا فقال :

{ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } أي أليس لهؤلاء المفترين المكذبين بالصدق ؟ والمثوى المقام وهو مشتق من ثوى بالمكان إذا أقام به ، يثوي ثواء وثويا ، مثل مضى مضاء ومضيا ، وحكى أبو عبيدة أنه يقال : أثوى ، وأنكر ذلك الأصمعي وقال : لا نعرف أثوى