وقوله { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون } زيادة فى تأكيد خسرانهم .
وكلمة { لاَ جَرَمَ } وردت فى القرآن الكريم فى خمسة مواضع . وفى كل موضع جاءت متلوة بأن واسمها .
وجمهور النحاة على أن هذه الكلمة مركبة من " لا " و " جرم " تركيب خمسة عشر ومعناها بعد هذا التركيب معنى الفعل : حق أو ثبت ، والجملة بعدها هى الفاعل لهذا الفعل .
أى : وثبت كونهم فى الآخرة هم الأخسرون .
ومن النحاة من يرى أن " لا " نافية للجنس و " جرم " اسمها وما بعدها خبرها .
يخبر تعالى عن حالهم أنهم أخسر الناس صفقة في الدار الآخرة ؛ لأنهم استبدلوا بالدركات عن الدرجات ، واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميم آن ، وعن شرب الرحيق المختوم ، بَسمُوم وحميم ، وظِلٍّ من يحموم ، وعن الحور العين بطعام من غِسْلين ، وعن القصور العالية بالهاوية ، وعن قرب الرحمن ، ورؤيته بغضب الديان وعقوبته ، فلا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{لا جرم}: حقا، {أنهم في الآخرة هم الأخسرون}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: حقا أن هؤلاء القوم الذين هذه صفتهم في الدنيا في الآخرة هم الأخسرون، الذين قد باعوا منازلهم من الجنان بمنازل أهل الجنة من النار وذلك هو الخسران المبين. وقد بينا فيما مضى أن معنى قولهم، جَرَمْتُ: كسبت الذنب وأجرمته، أن العرب كثر استعمالها إياه في مواضع الأيمان، وفي مواضع «لا بدّ» كقولهم: لا جرم أنك ذاهب، بمعنى: لا بد، حتى استعملوا ذلك في مواضع التحقيق فقالوا: لا جرم ليقومنّ، بمعنى: حقّا ليقومنّ، فمعنى الكلام: لا منع عن أنهم، ولا صدّ عن أنهم.
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
قال الفرّاء: معناها لابدّ ولا محالة {أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ} يعني من غيرهم.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
...معنى {لا جرم}: حق... وقال بعض النحويين: معناها: لا بد ولا شك ولا محالة... وقال الزجاج: {لا} رد عليهم... و {جرم} معناه: كسب، أي كسب فعلهم {أنهم في الآخرة هم الأخسرون}... وقال الكسائي: معناها: لا صد ولا منع...
فكأن {جرم} على هذا من معنى القطع، تقول: جرمت أي:قطعت...
الصفة الرابعة عشرة: قوله: {لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} وتقريره ما تقدم، وهو أنه لما أعطى الشريف الرفيع ورضي بالخسيس الوضيع فقد خسر في التجارة. ثم لما كان هذا الخسيس بحيث لا يبقى بل لا بد وأن يهلك ويفنى انقلبت تلك التجارة إلى النهاية في صفة الخسارة...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يخبر تعالى عن حالهم أنهم أخسر الناس صفقة في الدار الآخرة؛ لأنهم استبدلوا بالدركات عن الدرجات، واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميم آن، وعن شرب الرحيق المختوم، بَسمُوم وحميم، وظِلٍّ من يحموم، وعن الحور العين بطعام من غِسْلين، وعن القصور العالية بالهاوية، وعن قرب الرحمن، ورؤيته بغضب الديان وعقوبته، فلا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
فلذلك قال: {لا جرم} أي لا شك {أنهم} أي هؤلاء الذين بالغوا في إنكار الآخرة {في الآخرة} ولما كان المقام جديراً بالمبالغة في وصفهم بالخسارة، أعاد الضمير فقال: {هم} أي خاصة {الأخسرون} أي الأكثرون خسراناً من كل من يمكن وصفه بالخسران...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} كلمة "لا جرم "تفيد التحقيق والتأكيد لما بعدها...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
إنما كانوا أخسرين، أي شديدي الخسارة لأنهم قد اجتمع لهم من أسباب الشقاء والعذاب ما افترق بين الأمم الضالة. ولأنهم شقُوا من حيث كانوا يحسبونه سعادة قال تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً} [الكهف: 103، 104] فكانوا أخسرين لأنهم اجتمعت لهم خسارة الدنيا والآخرة...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وفي نهاية الآية بيان الحكم النهائي لمآلهم وعاقبتهم بهذا التعبير (لا جرم أنّهم في الآخرة هم الأخسرون). والسبب واضح؛ لأنّهم حُرموا من نعمة السمع الحاد والبصر النافذ، وخَسِروا كلّ إِنسانيتهم ووجودهم، ومع هذه الحال فقد حملوا أثقالَ مسؤوليتهم وأثقال الآخرين مع أثقالهم...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.