تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ } أي : وقت عذابهم وهم في وسطها ، جمع في مكان بين ضيق المكان وتزاحم السكان وتقرينهم بالسلاسل والأغلال ، فإذا وصلوا لذلك المكان النحس وحبسوا في أشر حبس { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } دعوا على أنفسهم بالثبور والخزي والفضيحة وعلموا أنهم ظالمون معتدون ، قد عدل فيهم الخالق حيث أنزلهم بأعمالهم هذا المنزل ، وليس ذلك الدعاء والاستغاثة بنافعة لهم ولا مغنية من عذاب الله ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

ثم حكى - سبحانه - حالهم عندما يستقرون فيها فقال : { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } .

أى : أن النار إن رأت هؤلاء المجرمين سمعوا لها ما يزعجهم ويفزعهم ، { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً } أى : وإذا ما طرحوا فيها فى مكان ضيق منها ، حالة كونهم { مُّقَرَّنِين } أى : مقيدين بالأغلال بعضهم مع بعض أو مع الشياطين الذين أضلوهم .

{ دَعَوْاْ هُنَالِكَ } أى : تنادوا هنالك فى ذلك المكان بقولهم { ثُبُوراً } أى : هلاكا وخسرانا يقال فلان ثبره الله - تعالى - أى : أهلكه إهلاكا لا قيام له منه .

أى : يقولون عندما يلقون فيها ، يا هلاكنا أقبل فهذا أوانك ، فإنك أرحم بنا مما نحن فيه .

ووصف - سبحانه - المكان الذى يلقون فيه بالضيق ، للإشارة إلى زيادة كربهم ، فإن ضيق المكان يعجزهم عن التفلت والتململ . هنا يسمعون من يقول لهم على سبيل الزجر والسخرية المريرة ، { لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً وَاحِداً وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

وقوله : { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا } قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله{[21418]} بن عمرو قال : مثل الزج في الرمح{[21419]} أي : من ضيقه .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني نافع بن يزيد ، عن يحيى بن أبي أسيد - يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن قول الله { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ } قال : " والذي نفسي بيده ، إنهم ليُسْتَكرهون في النار ، كما يستكره الوتد في الحائط " {[21420]} .

وقوله { مُقَرَّنِينَ } قال أبو صالح : يعني مكتفين : { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } أي : بالويل والحسرة والخيبة .


[21418]:- في ف ، أ : "عبيد الله".
[21419]:- في ف : "رمحه".
[21420]:- رواه ابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (6/240).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيّقاً مّقَرّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً * لاّ تَدْعُواْ الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } .

يقول تعالى ذكره : وإذا أُلقي هؤلاء المكذّبون بالساعة من النار مكانا ضيقا ، قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال دَعَوْا هُنالكَ ثُبُورا .

واختلف أهل التأويل في معنى الثّبور ، فقال بعضهم : هو الوَيْل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَادْعُوا ثُبُورا كَثِيرا يقول : وَيْلاً .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورا وَاحِدَا يقول : لا تدعوا اليوم ويلاً واحدا ، وادعوا ويلاً كثيرا .

وقال آخرون : الثبور الهلاك . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : لا تَدْعُوا اليَوْمَ ثُبُورا واحِدا الثبور : الهلاك .

قال أبو جعفر : والثبور في كلام العرب أصله انصراف الرجل عن الشيء ، يقال منه : ما ثَبَرك عن هذا الأمر ؟ أي ما صرفك عنه . وهو في هذا الموضع دعاء هؤلاء القوم بالندم على انصرافهم عن طاعة الله في الدنيا والإيمان بما جاءهم به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حتى استوجبوا العقوبة منه ، كما يقول القائل : واندامتاه ، واحسرتاه على ما فرّطت في جنب الله . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول في قوله : دَعَوْا هُنالكَ ثُبُورا أي هَلَكة ، ويقول : هو مصدر من ثُبِرَ الرجل : أي أهلك ، ويستشهد لقيله في ذلك ببيت ابن الزّبَعْرَي :

إذْ أُجارِي الشّيْطانَ فِي سَنَنِ الْغَ *** يّ وَمَنْ مالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أُلۡقُواْ مِنۡهَا مَكَانٗا ضَيِّقٗا مُّقَرَّنِينَ دَعَوۡاْ هُنَالِكَ ثُبُورٗا} (13)

{ وإذا ألقوا منها مكانا } في مكان ومنها بيان تقدم فصار حالا . { ضيقا } لزيادة العذاب فإن الكرب مع الضيق والروح مع السعة ولذلك وصف الله الجنة بأن عرضها كعرض السموات والأرض . { مقرنين } قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل . { دعوا هنالك } في ذلك المكان . { ثبورا } هلاكا أي يتمنون الهلاك وينادونه فيقولون تعال يا ثبوراه فهذا حينك .