{ 22-24 } { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .
هذه الآيات الكريمات قد اشتملت على كثير من أسماء الله الحسنى وأوصافه العلى ، عظيمة الشأن ، وبديعة البرهان ، فأخبر أنه الله المألوه المعبود ، الذي لا إله إلا هو ، وذلك لكماله العظيم ، وإحسانه الشامل ، وتدبيره العام ، وكل إله سواه{[1048]} فإنه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة ، لأنه فقير عاجز ناقص ، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ، ثم وصف نفسه بعموم العلم الشامل ، لما غاب عن الخلق وما يشاهدونه ، وبعموم رحمته التي وسعت كل شيء ووصلت إلى كل حي .
ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالثناء على ذاته - تعالى - وببيان بعض أسمائه الحسنى فقال - تعالى - : { هُوَ الله . . . } .
قال الجمل : لما وصف - تعالى - القرآن العظيم ، ومعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف ، أتبع ذلك بوصف عظمته - تعالى - فقال : { هُوَ الله الذي لاَ إله إِلاَّ هُوَ } أى : هو الله الذى وجوده من ذاته ، فلا عدم له بوجه من الوجوه ، فلا شىء يستحق الوصف بهذا غيره ، لأنه هو الموجود أزلا وأبدا ، فهو حاضر فى كل ضمير ، غائب بعظمته عن كل حس ، فلذلك تصدع الجبل من خشيته .
أي : هو المعبود الذى لا تنبغى العبادة والألوهية إلا له ، الذى لا إله إلا هو ، فإنه لا مجانس له ، ولا يليق ولا يصح ، ولا يتصور ، أن يكافئه أو يدانيه شىء . .
وقوله : { عَالِمُ الغيب والشهادة } أي : هو - سبحانه - العليم علما تاما بما غاب عن أذهان الخلائق وعقولهم ، وبما هو حاضر ومشاهد أمام أعينهم .
فالمراد بالغيب : كل ما غاب عن إحساس الناس وعن مداركهم . . .
والمراد بالشهادة : ما يشاهدونه بعيونهم ، ويدركونه بعقولهم .
والتعريف فيهما للاستغراق الحقيقى ، لأن الله - تعالى - لا يخفى عليه شىء فى هذا الكون .
وقوله - تعالى - : { هُوَ الرحمن الرحيم } أي : هو العظيم الرحمة الدائمها ، لأن لفظ { الرحمن } صيغة مبالغة لكثرة الشىء وعظمته ، ولفظ { الرحيم } صيغة تدل على الدوام والاستمرار .
ثم قال تعالى : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } أخبر تعالى أنه الذي لا إله إلا هو فلا رب غيره ، ولا إله للوجود سواه ، وكل ما يعبد من دونه فباطل ، وأنه عالم الغيب{[28623]} والشهادة ، أي : يعلم جميع الكائنات المشاهدات لنا والغائبات عنا فلا يخفى عليه شيء في الأرض ، ولا في السماء من جليل وحقير وصغير وكبير ، حتى الذر في الظلمات .
وقوله : { هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } قد تقدم الكلام على ذلك في أول التفسير ، بما أغنى عن إعادته هاهنا . والمراد أنه ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع المخلوقات ، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، وقد قال تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [ الأعراف : 156 ] ، وقال { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } [ الأنعام : 54 ] ، وقال { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس : 58 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { هُوَ اللّهُ الّذِي لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ هُوَ الرّحْمََنُ الرّحِيمُ } .
يقول تعالى ذكره : الذي يتصدع من خشيته الجبل أيها الناس ، هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة والألوهية إلا له ، عالم غيب السموات والأرض ، وشاهد ما فيهما مما يرى ويحسّ هُوَ الرّحْمَنُ الرّحِيمُ يقول : هو رحمن الدنيا والاَخرة ، رحيم بأهل الإيمان به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.