تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

ثم امتن عليهم بحرمه الآمن ، وأنهم أهله في أمن وسعة ورزق ، والناس من حولهم يتخطفون ويخافون ، أفلا يعبدون الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .

{ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } وهو ما هم عليه من الشرك ، والأقوال ، والأفعال الباطلة . { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ } هم { يَكْفُرُونَ } فأين ذهبت عقولهم ، وانسلخت أحلامهم حيث آثروا الضلال على الهدى ، والباطل على الحق ، والشقاء على السعادة ، وحيث كانوا أظلم الخلق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

ثم ذكرهم - سبحانه - بنعمة الحرم الآمن ، الذى يعيشون فى جواره مطمئنين ، فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ } .

أى : أجهل هؤلاء قيمة النعمة التى هم فهيا ، ولم يدركوا ويشاهدوا أنا جعلنا بدلهم مكة حرماً آمناً ، يأمنون فيه على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم ، والحال أن الناس من حرولهم يقتل بعضهم بعضاً ، ويعتدى بعضهم على بعض بسرعة وشدة . والتخطف : الأخذ بسرعة .

قال صاحب الكشاف : كانت العرب حول مكة يغزو بعضهم بعضاً ، ويتغورون ، ويتناهبون ، وأهل مكة قارون فيها آمنون لا يغار عليهم مع قلتهم وكثرة العرب ، فذكرهم الله بهذه النعمة الخاصة بهم .

والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ } للتعجب من حالهم ، وللتوبيخ لهم على هذا الجحود والكفر لنعم الله - تعالى - أى : أفبعد هذه النعمة الجليلة يؤمنون بالأصنام وبنعمة الله التى تستدعى استجابتهم للحق يكفرون .

فالآية الكريمة قد اشتملت على ما لا يقادر قدره ، من تعجب وتوبيخ وتقريع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه ، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي ، ومن دخله كان آمنا ، فهم في أمن عظيم ، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا ، كما قال تعالى : { لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } [ قريش : 1 - 4 ] .

وقوله : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ } أي : أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به ، وعبدوا معه [ غيره من ]{[22694]} الأصنام والأنداد ، و { بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } [ إبراهيم : 28 ] ، وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله ، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله ، وألا يشركوا به ، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره ، فكذبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم ؛ ولهذا سلبهم الله ما كان أنعم به عليهم ، وقتل من قتل منهم ببدر ، وصارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ففتح الله على رسوله مكة ، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم .


[22694]:- زيادة من أ.