تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ} (23)

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ } أفسدوا في الأرض ، وقطعوا أرحامهم { لَعَنَهُمُ اللَّهُ } بأن أبعدهم عن رحمته ، وقربوا من سخط الله .

{ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } أي : جعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ولا يبصرونه ، فلهم آذان ، ولكن لا تسمع سماع إذعان وقبول ، وإنما تسمع سماعا تقوم به حجة الله عليها ، ولهم أعين ، ولكن لا يبصرون بها العبر والآيات ، ولا يلتفتون بها إلى البراهين والبينات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ} (23)

فى قوله : { أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله } أى : طردهم من رحمته { فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ } بأن جعلهم بسبب إعراضهم عن الحق - كالصم الذين لا يسمعون ، وكالعمى الذين لا يبصرون ، لأنهم حين عطلوا أسماعهم وأبصارهم عن التدبر والتفكر صاروا بمنزلة الفاقدين لتلك الحواس .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ} (23)

16

وبعد هذه اللفتة المفزعة المنذرة لهم يعود إلى الحديث عنهم لو انتهوا إلى هذا الذي حذرهم إياه :

( أولئك الذين لعنهم الله ، فأصمهم وأعمى أبصارهم . أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ? ) .

أولئك الذين يظلون في مرضهم ونفاقهم حتى يتولوا عن هذا الأمر الذي دخلوا فيه بظاهرهم ولم يصدقوا الله فيه ، ولم يستيقنوه . ( أولئك الذين لعنهم الله ) . . وطردهم وحجبهم عن الهدى ، ( فأصمهم وأعمى أبصارهم ) . . وهم لم يفقدوا السمع ، ولم يفقدوا البصر ؛ ولكنهم عطلوا السمع وعطلوا البصر ، أو عطلوا قوة الإدراك وراء السمع والبصر ؛ فلم يعد لهذه الحواس وظيفة لأنها لم تعد تؤدي هذه الوظيفة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ} (23)

الإشارة إلى الذين في قلوبهم مرض على أسلوب قوله آنفاً : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم } [ محمد : 16 ] ولا يصح أن تكون الإشارة إلى ما يؤخذ من قوله : { أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } [ محمد : 22 ] لأن ذلك لا يستوجب اللعنة ولا أن مرتكبيه بمنزلة الصمّ ، على أن في صيغة المضيّ في أفعال : لعنهم ، وأصمّهم ، وأعمى ، ما لا يلاقي قوله : { فهل عَسِيتم } [ محمد : 22 ] ولا ما في حرف ( إنْ ) من زمان الاستقبال .

واستعير الصمم لعدم الانتفاع بالمسموعات من آيات القرآن ومواعظ النبي صلى الله عليه وسلم كما استعير العمَى هنا لعدم الفهم على طريقة التمثيل لأن حال الأعمى أن يكون مضطرباً فيما يحيط به لا يدري نافعه من ضارّه إلا بمعونة من يرشده ، وكَثر أن يقال : أعمى الله بصره ، مراداً به أنه لم يهده ، وهذه هي النكتة في مجيء تركيب { وأعمى أبصارهم } مخالفاً لتركيب { فأصمهم } إذ لم يقل : وأعماهم .

وفي الآية إشعار بأن الفساد في الأرض وقطيعة الأرحام من شعار أهل الكفر ، فهما جرمان كبيران يجب على المؤمنين اجتنابهما .