اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ} (23)

قوله : «أُلَئِكَ » مبتدأ ، والموصول خبره والتقدير : أولئك المفسدون يدل عليه ما تقدم{[51454]} . وقوله : «فَأَصَمَّهُمْ » ولم يقل : «فَأَصَّم آذَانَهُمْ » و«أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ » ولم يقل أعمارهم ، قيل : لأنه لا يلزم من ذهاب الإذن ذهاب السمع فلم يتعرض لها ، والأبصار{[51455]} وهي الأعين يلزم من ذهابها ذهاب الإبْصار ولا يرد عليك قوله : { وفي آذَانِهِمْ وَقْراً } ونحوه [ الأنعام : 25 ] و [ الإسراء : 46 ] و [ الكهف : 57 ] لأنه دون الصَّمَم والصَّممُ أعظم منه فقال : أصمهم من غير ذكر الأذن ، وقال : «أعْمَى أبْصَارَهُمْ » مع ذكر العين ؛ لأن البَصَرَ ههنا بمعنى العين ولهذا جمعه بالأبْصار ولو كان مصدراً لما جمع ، فلم يذكر الأذن ؛ إذْ لاَ مَدْخَلَ لها في الإصمام وذكر العين ، لأن لها مدخلاً في الرُّؤية ، بل هي الكل بدليل أنه الآفة في غير هذا الموضع لما أضافها إلى الأذن سماها وقراً فقال تعالى حاكياً عنهم : { وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ } [ فصلت : 5 ] والوَقْر دون الصَّمَم{[51456]} .

فصل

{ أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله } إشارة إلى من سبق ذكرهم من المنافقين ، أبعدهم الله عنه أو عن الخبر الخير فأصمهم لا يسمعون الكلام المبين وأعمى أبصارهم عن الحق .


[51454]:قاله صاحب التبيان 1163.
[51455]:في (أ) والأذان فالتصحيح من (ب).
[51456]:بالمعنى من تفسير الرازي 28/65.