تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

{ 34 - 41 } { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ }

يخبر تعالى بما أعده للمتقين للكفر والمعاصي ، من أنواع النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

ثم تبدأ السورة بعد ذلك بيان حسن عاقبة المؤمنين ، وفى محاجة المجرمين ، وفى تحديثهم بالسؤال تلو السؤال : إلزاما لهم بالحجة ، وتقريعا لهم على غفلتهم ، وتذكيرا لهم بيوم القيامة الذى سيندمون عنده ، ولن ينفعهم الندم .

قال - تعالى - :

{ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ . . . } .

قوله - سبحانه - : { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ . . } بيان لما وعد به - سبحانه - المؤمنين الصادقين ، بعد بيان وعيده للجاحدين المكذبين .

أى : إن للذين اتقوا ربهم ، وصانوا أنفسهم عما حرمه . . جنات ليس لهم فيها إلا النعيم الخالص ، والسرور التام . والخير الذى لا ينقطع ولا يمتنع .

واللام فى قوله : { لِّلْمُتَّقِينَ } للاستحقاق ، وقال - سبحانه - { عِنْدَ رَبِّهِمْ } للتشريف والتكريم .

أى : هذه الجنات اختص الرب - عز وجل - بها الذين اتقوه فى كل أحوالهم .

وإضافة الجنات إلى النعيم ، للإِشارة إلى أن النعيم ملازم لها لا يفارقها فلا يكون فيها ما يكون فى جنات الدنيا من تغير فى الأحوال ، فهى تارة مثمرة ، وتارة ليست كذلك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

وكذلك يسوق إلى قريش هذه التجربة من واقع البيئة ، ومما هو متداول بينهم من القصص ، فيربط بين سنته في الغابرين وسنته في الحاضرين ؛ ويلمس قلوبهم بأقرب الأساليب إلى واقع حياتهم . وفي الوقت ذاته يشعر المؤمنين بأن ما يرونه على المشركين - من كبراء قريش - من آثار النعمة والثروة إنما هو ابتلاء من الله ، له عواقبه ، وله نتائجه . وسنته أن يبتلي بالنعمة كما يبتلي بالبأساء سواء . فأما المتبطرون المانعون للخير المخدوعون بما هم فيه من نعيم ، فذلك كان مثلا لعاقبتهم : ( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) . . وأما المتقون الحذرون فلهم عند ربهم جنات النعيم :

( إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ) . .

وهو التقابل في العاقبة ، كما أنه التقابل في المسلك والحقيقة . . تقابل النقيضين اللذين اختلفت بهما الطريق ، فاختلفت بهما خاتمة الطريق !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

استئناف بياني لأن من شأن ما ذكر من عذاب الآخرة للمجرمين أن ينشأ عنه سؤال في نفس السامع يقول : فما جزاء المتقين ؟ وهو كلام معترض بين أجزاء الوعيد والتهديد وبين قوله : { سنسمه على الخرطوم } [ القلم : 16 ] وقوله : { كذلك العذاب } [ القلم : 33 ] . وقد أشعر بتوقع هذا السؤال قوله بعده : { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } [ القلم : 35 ] كما سيأتي .

وتقديم المسند على المسند إليه للاهتمام بشأن المتقين ليسبق ذكرُ صفتهم العظيمة ذكْرَ جزائها .

واللام للاستحقاق . و { عند } ظرف متعلق بمعنى الكون الذي يقتضيه حرف الجر ، ولذلك قُدم متعلَّقُه معه على المسند إليه لأجل ذلك الاهتمام . وقد حصل من تقديم المسند بما معه طولٌ يثير تشويق السامع إلى المسند إليه . والعِندية هنا عندية كرامةٍ واعتناء .

وإضافة { جنات } إلى { النعيم } تفيد أنها عُرفت به فيشار بذلك إلى ملازمة النعيم لها لأن أصل الإِضافة أنها بتقدير لام الاستحقاق ف { جنات النعيم } مفيد أنها استحَقها النعيم لأنها ليس في أحوالها إلاّ حال نعيم أهلها ، فلا يكون فيها ما يكون في جنات الدّنيا من المتاعب مثل الحَرّ في بعض الأوقات أو شدة البرد أو مثل الحشرات والزنانير ، أو ما يؤذي مثل شوك الأزهار والأشجار وروث الدواب وذرق الطير .