نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

ولما ذكر ما لأهل الجمود الذين لا يجوزون الممكنات ، ذكر أضدادهم فقال مؤكداً لأجل إنكارهم : { إن للمتقين } أي العريقين في صفة التقوى خاصة دون غيرهم ممن لا يتقي ، والتقوى : الاحتراز بالوقاء الحامل عليه الخوف من المؤذي ، الحامل عليه تجويز الممكنات ، قال الملوي : وأصلها أن الفرس الواقي - وهو الموجوع الحافي - لا يضع حافره حتى يرى{[67619]} هل الموضع لين يناسب ، وكذا المتقي لا يتحرك ولا يسكن إلا على بصيرة من{[67620]} رضا الله بذلك ، فلا يفعل أحد منهم شيئاً من تلك الآثار الخبيثة التي تقدمت للمكذبين ، فحازوا الكمال بصلاح القوة العملية الناشىء عن{[67621]} صلاح القوة العلمية ، وزاد في الترغيب إشارة إلى جنة القلب{[67622]} وبسط الروح بقوله : { عند ربهم } أي المحسن إليهم في موضع ندم أولئك وخيبة آمالهم ، فإن تقريبهم دل على رضاه سبحانه ، ورضا صاحب الدار مطلوب قبل نظر الدار ، ولما أشار إلى جنة القلب أتبعها جنة القالب فقال تعالى : { جنات } جمع جنة وهي{[67623]} لغة البستان الجامع ، وفي عرف الشرع مكان اجتمع فيه جميع السرور وانتفى منه جميع الشرور{[67624]} { النعيم * } وهو الخالص من المكدر والمشوش والمنغص ، لا شيء فيها غيره أصلاً - بما أفادته الإضافة .


[67619]:- في م: يبصر.
[67620]:- زيد من ظ وم.
[67621]:- من ظ وم، وفي الأصل: عنها.
[67622]:- زيد من ظ وم.
[67623]:- من ظ، وفي الأصل وم: هو.
[67624]:- زيد في الأصل: مع أنها مواطن، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.