التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِنَّ لِلۡمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} (34)

ثم تبدأ السورة بعد ذلك بيان حسن عاقبة المؤمنين ، وفى محاجة المجرمين ، وفى تحديثهم بالسؤال تلو السؤال : إلزاما لهم بالحجة ، وتقريعا لهم على غفلتهم ، وتذكيرا لهم بيوم القيامة الذى سيندمون عنده ، ولن ينفعهم الندم .

قال - تعالى - :

{ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ . . . } .

قوله - سبحانه - : { إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ . . } بيان لما وعد به - سبحانه - المؤمنين الصادقين ، بعد بيان وعيده للجاحدين المكذبين .

أى : إن للذين اتقوا ربهم ، وصانوا أنفسهم عما حرمه . . جنات ليس لهم فيها إلا النعيم الخالص ، والسرور التام . والخير الذى لا ينقطع ولا يمتنع .

واللام فى قوله : { لِّلْمُتَّقِينَ } للاستحقاق ، وقال - سبحانه - { عِنْدَ رَبِّهِمْ } للتشريف والتكريم .

أى : هذه الجنات اختص الرب - عز وجل - بها الذين اتقوه فى كل أحوالهم .

وإضافة الجنات إلى النعيم ، للإِشارة إلى أن النعيم ملازم لها لا يفارقها فلا يكون فيها ما يكون فى جنات الدنيا من تغير فى الأحوال ، فهى تارة مثمرة ، وتارة ليست كذلك .