تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

{ 22-24 } { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

هذه الآيات الكريمات قد اشتملت على كثير من أسماء الله الحسنى وأوصافه العلى ، عظيمة الشأن ، وبديعة البرهان ، فأخبر أنه الله المألوه المعبود ، الذي لا إله إلا هو ، وذلك لكماله العظيم ، وإحسانه الشامل ، وتدبيره العام ، وكل إله سواه{[1048]}  فإنه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة ، لأنه فقير عاجز ناقص ، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ، ثم وصف نفسه بعموم العلم الشامل ، لما غاب عن الخلق وما يشاهدونه ، وبعموم رحمته التي وسعت كل شيء ووصلت إلى كل حي .


[1048]:- في ب: غيره.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالثناء على ذاته - تعالى - وببيان بعض أسمائه الحسنى فقال - تعالى - : { هُوَ الله . . . } .

قال الجمل : لما وصف - تعالى - القرآن العظيم ، ومعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف ، أتبع ذلك بوصف عظمته - تعالى - فقال : { هُوَ الله الذي لاَ إله إِلاَّ هُوَ } أى : هو الله الذى وجوده من ذاته ، فلا عدم له بوجه من الوجوه ، فلا شىء يستحق الوصف بهذا غيره ، لأنه هو الموجود أزلا وأبدا ، فهو حاضر فى كل ضمير ، غائب بعظمته عن كل حس ، فلذلك تصدع الجبل من خشيته .

أي : هو المعبود الذى لا تنبغى العبادة والألوهية إلا له ، الذى لا إله إلا هو ، فإنه لا مجانس له ، ولا يليق ولا يصح ، ولا يتصور ، أن يكافئه أو يدانيه شىء . .

وقوله : { عَالِمُ الغيب والشهادة } أي : هو - سبحانه - العليم علما تاما بما غاب عن أذهان الخلائق وعقولهم ، وبما هو حاضر ومشاهد أمام أعينهم .

فالمراد بالغيب : كل ما غاب عن إحساس الناس وعن مداركهم . . .

والمراد بالشهادة : ما يشاهدونه بعيونهم ، ويدركونه بعقولهم .

والتعريف فيهما للاستغراق الحقيقى ، لأن الله - تعالى - لا يخفى عليه شىء فى هذا الكون .

وقوله - تعالى - : { هُوَ الرحمن الرحيم } أي : هو العظيم الرحمة الدائمها ، لأن لفظ { الرحمن } صيغة مبالغة لكثرة الشىء وعظمته ، ولفظ { الرحيم } صيغة تدل على الدوام والاستمرار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

وأخيرا تجيء تلك التسبيحة المديدة بأسماء الله الحسنى ؛ وكأنما هي أثر من آثار القرآن في كيان الوجود كله ، ينطلق بها لسانه وتتجاوب بها أرجاؤه ؛ وهذه الأسماء واضحة الآثار في صميم هذا الوجود وفي حركته وظواهره ، فهو إذ يسبح بها يشهد كذلك بآثارها :

( هو الله الذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، هو الرحمن الرحيم ) .

( هو الله الذي لا إله إلا هو ، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر . سبحان الله عما يشركون ) .

( هو الله الخالق البارئ المصور ، له الأسماء الحسنى ، يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) .

إنها تسبيحة مديدة بهذه الصفات المجيدة . ذات ثلاثة مقاطع . يبدأ كل مقطع منها بصفة التوحيد : ( هو الله الذي لا إله إلا هو ) . . أو ( هو الله ) . .

ولكل اسم من هذه الأسماء الحسنى أثر في هذا الكون ملحوظ ، وأثر في حياة البشر ملموس . فهي توحي إلى القلب بفاعلية هذه الأسماء والصفات . فاعلية ذات أثر وعلاقة بالناس والأحياء . وليست هي صفات سلبية أو منعزلة عن كيان هذا الوجود ، وأحواله وظواهره المصاحبة لوجوده .

( هو الله الذي لا إله إلا هو ) . . فتتقرر في الضمير وحدانية الاعتقاد ، ووحدانية العبادة ، ووحدانية الاتجاه ، ووحدانية الفاعلية من مبدأ الخلق إلى منتهاه . ويقوم على هذه الوحدانية منهج كامل في التفكير والشعور والسلوك ، وارتباطات الناس بالكون وبسائر الأحياء . وارتباطات الناس بعضهم ببعض على أساس وحدانية الإله .

( عالم الغيب والشهادة ) . . فيستقر في الضمير الشعور بعلم الله للظاهر والمستور . ومن ثم تستيقظ مراقبة هذا الضمير لله في السر والعلانية ؛ ويعمل الإنسان كل ما يعمل بشعور المراقب من الله المراقب لله ، الذي لا يعيش وحده ، ولو كان في خلوة أو مناجاة ! ويتكيف سلوكه بهذا الشعور الذي لا يغفل بعده قلب ولا ينام !

( هو الرحمن الرحيم )فيستقر في الضمير شعور الطمأنينة لرحمة الله والاسترواح . ويتعادل الخوف والرجاء ، والفزع والطمأنينة . فالله في تصور المؤمن لا يطارد عباده ولكن يراقبهم . ولا يريد الشر بهم بل يحب الهدى ، ولا يتركهم بلا عون وهم يصارعون الشرور والأهواء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۖ هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (22)

لما قال تعالى : { من خشية الله } [ الحشر : 21 ] جاء بالأوصاف التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية ، و { الغيب } ما غاب عن المخلوقين ، و { الشهادة } ما شاهدوه . وقال حرب المكي { الغيب } : الآخرة { والشهادة } : الدنيا .