وقوله - سبحانه - : { وَذَرْنِي والمكذبين أُوْلِي النعمة وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } أى : ودعنى وشأنى مع هؤلاء المكذبين بالحق ، ولا تهتم أنت بأمرهم ، فأنا خالقهم ، وأنا القادر على كل شئ يتعلق بهم .
وقوله : { أُوْلِي النعمة } وصف لهم جئ به على سبيل التوبيخ لهم ، والتهكم بهم ، حيث جحدوا نعم الله ، وتوهموا أن هذه النعم من مال أو ولد ستنفعهم يوم القيامة .
والنَّعمة - بفتح النون مع التشديد - : تطلق على التنعم والترفه وغضارة والعيش فى الدنيا .
وأما النِّعمة - بكسر النون - فاسم للحالات الملائمة لرغبة الإِنسان من غنى أو عافية أو نحوهما .
وأما النُّعمة - بالضم - فهى اسم المسرة . يقال : فلان فى نُعْمة - بضم النون - أى : فى فرح وسرور .
وقوله : { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } أى : واتركهم ودعهم فى باطلهم وقتا قليلا ، فسترى بعد ذلك سوء عاقبة تكذيبهم للحق .
اصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا . . وخل بيني وبين المكذبين ، فأنا بهم كفيل : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) . . كلمة يقولها الجبار القهار القوي المتين . . ( ذرني والمكذبين ) . . والمكذبون بشر من البشر ، والذي يتهددهم هو الذي أنشأهم ابتداء وخلق هذا الكون العريض " بكن " ولا تزيد !
ذرني والمكذبين . . فهي دعوتي . وما عليك إلا البلاغ . ودعهم يكذبون واهجرهم هجرا جميلا . وسأتولى أنا حربهم ، فاسترح أنت من التفكير في شأن المكذبين !
إنها القاصمة المزلزلة المذهلة حين يخلو الجبار ، إلى هذه الخلائق الهينة المضعوفة . . ( أولي النعمة )مهما يكن من جبروتهم في الأرض على أمثالهم من المخاليق !
( ومهلهم قليلا )ولو مهلهم الحياة الدنيا كلها ما كانت إلا قليلا . وإن هي إلا يوم أو بعض يوم في حساب الله . وفي حسابهم هم أنفسهم حين تطوى ، بل إنهم ليحسونها في يوم القيامة ساعة من نهار ! فهي قليل أيا كان الأمد ، ولو مضوا من هذه الحياة ناجين من أخذ الجبار المنتقم الذي يمهل قليلا ويأخذ تنكيلا :
ثم قال له متوعدًا لكفار قومه ومتهددًا - وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء - : { وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ }أي : دعني والمكذبين المترفين أصحابَ الأموال ، فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم ، { وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا } أي : رويدا ، كما قال : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.