تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

{ 41 - 44 ْ } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * َْتَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا }

يأمر تعالى المؤمنين ، بذكره ذكرا كثيرًا ، من تهليل ، وتحميد ، وتسبيح ، وتكبير وغير ذلك ، من كل قول فيه قربة إلى اللّه ، وأقل ذلك ، أن يلازم الإنسان ، أوراد الصباح ، والمساء ، وأدبار الصلوات الخمس ، وعند العوارض والأسباب .

وينبغي مداومة ذلك ، في جميع الأوقات ، على جميع الأحوال ، فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل ، وهو مستريح ، وداع إلى محبة اللّه ومعرفته ، وعون على الخير ، وكف اللسان عن الكلام القبيح .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

ثم جاءت الآيات الكريمة بعد ذلك لتؤكد هذا المعنى وتقرره ، فأمرت المؤمنين بالإِكثار من ذكر الله - تعالى - ومن تسبيحه وتحميده وتكبيره - فقال - سبحانه - : { ياأيها الذين آمَنُواْ . . . لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } .

والمقصود بذكر الله - تعالى - فى قوله : { ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } ما يشمل التهليل والتحميد والتكبير وغير ذلك من القوال والأفعال التى ترضيه - عز وجل - .

أى : يا من آمنتم بالله حق الإِيمان اكثروا من التقرب إلى الله - تعالى - بما يرضيه ، فى كل أوقاتكم وأحوالكم ، فإن ذكر الله - تعالى - هو رطب النفوس ودواؤها ، وهو عافية الأبدان وشفاؤها ، به تطمئن القلوب ، وتنشرح الصدور . .

والتعبير بقوله : { اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً } يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق فى إيمانه ، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة .

ومن الأحاديث التى وردت فى الض على الإِكثار من ذكر الله ، ما رواه الإِمام أحمد عن أبى الدرداء . . رضى الله عنه . . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها فى درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرِقِ - أى : الفضة ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ، قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : ذكر الله - عز وجل - " .

وعن عمرو بن قيس قال : " سمعت عبد الله بن بسر يقول : جاء اعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : يا رسول الله ، أى الناس خير ؟ قال : " من طال عمره وحسن عمله " .

وقال الآخر : يا رسول الله ، إن شرائع الإِسلام قد كثرت علينا ، فمرنى بأمر أتشبت به . قال : " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله " " .

وقال ابن عباس : لم يفرض الله - تعالى - فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ، ثم عذر أهلها فى حال العذر ، غير الذكر ، فإن الله - تعالى - لم يجعل له حدا ينتهى إليه ، ولم يعذر أحداً فى تركه إلا مغلوبا على عقله ، وأمرهم به فى الأحوال كلها . فقال - تعالى - : { الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِهِمْ . . . } وقال - سبحانه - : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة فاذكروا الله قِيَاماً وَقُعُوداً وعلى جُنُوبِكُمْ . . } أى : بالليل وبالنهار ، فى البر والبحر ، وفى السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والسقم والصحة ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

36

ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير ، ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض ، واختار للأمة المسلمة ما اختار ؛ يريد بها الخير ، والخروج من الظلمات إلى النور :

( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وسبحوه بكرة وأصيلا . هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ، وكان بالمؤمنين رحيما . تحيتهم يوم يلقونه سلام . وأعد لهم أجرا كريما ) . .

وذكر الله اتصال القلب به ، والاشتغال بمراقبته ؛ وليس هو مجرد تحريك اللسان . و إقامة الصلاة ذكر لله . بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة :

روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : " إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين ، كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . .

وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة . فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه ، ويتصل به قلبه . سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر . والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال .

وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به . فإذا هو مليء جاد ، قار ، يعرف طريقه ، ويعرف منهجه ، ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه !

ومن هنا يحض القرآن كثيرا ، وتحض السنة كثيرا ، على ذكر الله .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا} (41)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرا كثيرا، فلا تخلو أبدانكم من ذكره في حال من أحوال طاقتكم ذلك

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وجائز أن يكون تأويل أمره بالذكر كثيرا أي اذكروا نعمه لتشكروا له، واذكروا أوامره ليؤتمر، ونواهيه ومناهيه لينهى، ومواعيده ليخاف، وعداته ليرغب، واذكروا عظمته وجلاله وكبرياءه ليهاب.

{ذكرا كثيرا} أي دائما، تذكرون ما ذكرنا ليكون ما ذكرنا؛ إذ إنما يكون ذلك بالذكر، والله أعلم.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

الإشارة فيه: أَحِبُّوا الله... ويقال: اذكروا الله بقلوبكم؛ فإِنَّ الذكرَ الذي تمكن استدامته ذكرُ القلب؛ فأمَّا ذِكْرُ اللسانِ فإدامته مُسرمَداً كالمتعذر.

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

{اذكروا الله ذكراً كثيراً} أي: بالليل والنهار، في البر والبحر وفي الصحة والسقم، وفي السر والعلانية، وقال مجاهد: الذكر الكثير أن لا تنساه أبداً.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

قال ابن عباس لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله.

التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :

اشترط الله الكثرة في الذكر حيثما أمر به بخلاف سائر الأعمال.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{اذكروا} أي تصديقاً لدعواكم ذلك {الله} الذي هو أعظم من كل شيء {ذكراً كثيراً} أي بأن تعقدوا له سبحانه صفات الكمال وتثنوا عليه بها بألسنتكم، فلا تنسوه في حال من الأحوال ليحملكم ذلك على تعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم حق تعظيمه، واعتقاد كماله في كل حال، وأنه لا ينطق عن الهوى، لتحوزوا مغفرة وأجراً عظيماً، كما تقدم الوعد به.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وذكر الله اتصال القلب به، والاشتغال بمراقبته؛ وليس هو مجرد تحريك اللسان، و إقامة الصلاة ذكر لله... وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة، فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه، ويتصل به قلبه. سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر.

والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال. وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به؛ فإذا هو مليء جاد، قار، يعرف طريقه، ويعرف منهجه، ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه! ومن هنا يحض القرآن كثيرا، وتحض السنة كثيرا، على ذكر الله.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إقبال على مخاطبة المؤمنين بأن يشغلوا ألسنتهم بذكر الله وتسبيحه، أي أن يمسكوا عن مماراة المنافقين أو عن سبّهم فيما يُرجفون به في قضية تزوج زينب، فأمر المؤمنين أن يعتاضوا عن ذلك بذكر الله وتسبيحه خيراً لهم، فهذا من نحو قوله لنبيّئه {ودَعْ أذاهم} [الأحزاب: 48]، وفيه تسجيل على المنافقين بأن خوضهم في ذلك بعد هذه الآية علامة على النفاق لأن المؤمنين لا يخالفون أمر ربهم.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

أمرنا ربنا سبحانه بذكره ذكرا كثيرا، لأن الذكر عمدة العبادات وأيسرها على المؤمن، لذلك نجد ربنا يأمرنا به عند الانتهاء من العبادات كالصلاة والصيام والحج، وجعله سبحانه أكبر فقال: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت 45]