تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ} (31)

{ وَقَالُوا } مقترحين على اللّه بعقولهم الفاسدة : { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } أي : معظم عندهم ، مبجل من أهل مكة ، أو أهل الطائف ، كالوليد بن المغيرة ونحوه ، ممن هو عندهم عظيم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ} (31)

ثم حكى - سبحانه - لونا آخر من ألوان حسدهم وعنادهم فقال : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ } .

والمراد بالقريتين مكة أو الطائف . . ومقصودهما إحداهما ، كالوليد بن المغيرة من مكة ، وكعروة بن مسعود من الطائف . .

ويعنون بالعظم : كثرة المال ، والرئاسة فى قومه .

أى : وقال هؤلاء المشركون - على سبل العناد والحسد - : هلا أنزل هذا القرآن ، الذى يقرؤه علينا محمد - صلى الله عليه وسلم - على رجل عظيم فى ماله وسلطانه ، ويكون من إحدى هاتين القريتين ، وهما مكة أو الطائف .

فهم لجهلهم وانطماس بصائرهم ، استكثروا أن ينزل هذا القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وإن كان فى القمة من الشرف والسمو بين قومه إلا أنه لم يكن أكثرهم مالا وسلطانا ، وهم يريدون أن تكون النبوة فى زعيم من زعمائهم ، أورئيس من رؤسائهم .

وهذا منهم - كما يقول الآلوسى - لجهلهم بأن رتبة الرسالة ، إنما تستدعى عظيم النفس ، بالتخلى عن الرذائل الدنية ، والتحلى بالكمالات والفضائل القدسية ، دون التزخرف بالزخارف الدنيوية .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هََذَا الْقُرْآنُ عَلَىَ رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لّيَتّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبّكَ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله : هذا سحر ، فإن كان حقا فهلا نزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف .

واختُلف في الرجل الذي وصفوه بأنه عظيم ، فقالوا : هلاّ نزل عليه هذا القرآن ، فقال بعضهم : هلاّ نزل على الوليد بن المُغيرة المخزومي من أهل مكة ، أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف ؟ . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنَ عَظِيمٍ قال : يعني بالعظيم : الوليد بن المغيرة القرشيّ ، أو حبيب بن عمرو بن عُمير الثقفي ، وبالقريتين : مكة والطائف .

وقال آخرون : بل عُنِي به عُتْبةُ بن ربيعة من أهل مكة ، وابن عبد يالِيل ، من أهل الطائف . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عَلَى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال عتبة بن ربيعة من أهل مكة ، وابن عبد ياليل الثقفي من الطائف .

وقال آخرون : بل عني به من أهل مكة : الوليد بن المُغيرة ، ومن أهل الطائف : ابن مسعود . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال : الرجل : الوليد بن المغيرة ، قال : لو كان ما يقول محمد حقا أنزل علىّ هذا ، أو على ابن مسعود الثقفي ، والقريتان : الطائف ومكة ، وابن مسعود الثقفي من الطائف اسمه عروة بن مسعود .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنُ على رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ والقريتان : مكة والطائف قال : قد قال ذلك مشركو قريش ، قال : بلغنا أنه ليس فخذ من قريش إلا قد ادّعته ، وقالوا : هو منا ، فكنا نحدّث أن الرجلين : الوليد بن المغيرة ، وعروة الثقفي أبو مسعود ، يقولون : هلا كان أُنزل على أحد هذين الرجلين .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب : قال ابن زيد ، في قوله : لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ قال : كان أحد العظيمين عروة بن مسعود الثقفي ، كان عظيم أهل الطائف .

وقال آخرون : بل عني به من أهل مكة : الوليد بن المغيرة ، ومن أهل الطائف : كنانة بن عَبدِ بن عمرو . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَقالُوا لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْن عَظِيمٍ قال : الوليد بن المغيرة القرشي ، وكنانة بن عبد بن عمرو بن عمير ، عظيم أهل الطائف .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال جلّ ثناؤه ، مخبرا عن هؤلاء المشركين وَقالُوا لَوْلا نُزّلَ هَذَا القُرآنَ على رَجُل مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ إذ كان جائزا أن يكون بعض هؤلاء ، ولم يضع الله تبارك وتعالى لنا الدلالة على الذين عُنُوا منهم في كتابه ، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، والاختلاف فيه موجود على ما بيّنت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ} (31)

الضمير في [ قالوا ] لقريش ، وذلك أنهم استبعدوا أولا أن يرسل الله تعالى بشرا ، فلما تقرّر أمر موسى ، وعيسى ، وإبراهيم عليهم السلام ولم يكن لهم في ذلك مدفع رجعوا( {[10197]} ) يناقضون فيما يخص محمدا صلى الله عليه وسلم بعينه فقالوا : لم كان محمدا –عليه الصلاة والسلام- ولم يكن نزول الشرع على رجل من إحدى القريتين عظيم ؟ وقدر المبرد قولهم : على رجل من رجلين من القريتين ، والقريتان : مكة والطائف ، ورجل مكة الذي أشاروا إليه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الوليد بن المغيرة المخزومي ، وقال مجاهد : هو عتبة بن ربيعة ، وقال قتادة : بلغنا أنه لم يبق فخذ من قريش إلا ادعاه ، ورجل الطائف ، قال قتادة : هو عُروة بن مسعود ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : حبيب بن عبد بن عمير( {[10198]} ) ، وقال مجاهد : كنانة ابن عبد يا ليل .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله :

وإنما قصدوا إلى من عَظُم ذكره بالسِّن والقِدَم ؛ وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان حينئذ أعظم من هؤلاء لكن لمَّا عظُم أولئك قبل مدّة النبي صلى الله عليه وسلم وفي صباه استمرّ ذلك لهم .


[10197]:- في بعض النسخ: «جعلوا يناقضون».
[10198]:- الصواب: حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي كما جاء في كل التفاسير.