{ عَلِمَتْ نَفْسٌ } أي : كل نفس ، لإتيانها في سياق الشرط .
{ مَا أَحْضَرَتْ } أي : ما حضر لديها من الأعمال [ التي قدمتها ] كما قال تعالى : { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } وهذه الأوصاف التي وصف الله بها يوم القيامة ، من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب ، وتشتد من أجلها الكروب ، وترتعد الفرائص وتعم المخاوف ، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم ، وتزجرهم عن كل ما يوجب اللوم ، ولهذا قال بعض السلف : من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين ، فليتدبر سورة { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }
وقوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } هو جواب الشرط لكل تلك الظروف السابقة . أى : إذا الشمس كورت ، وإذا النجوم انكدرت تبين لكل نفس ما عملته من خير أو شر ، ومن حسن أو قبيح . . ورأت ذلك رأى العين ، كما قال - تعالى - : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سواء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً . . . } والمراد بالنفس عموم الأنفس ، لأن النكرة فى سياق النفى تشمل كل نفس وأسند - سبحانه - الإِحضار إلى النفوس ، لأنها هى المباشرة لأعمالها فى الدنيا ، والتى ستجد جزاءها فى الآخرة .
وجعلت معرفة النفوس لجزاء أعمالها ، حاصلة عند حصول مجموع الشروط التى ذكرت فى الجمل الاثنتى عشرة ، لأن بعض الزمان والأحوال التى تضمنتها هذه الشروط مقارن لحصول علم النفوس بأعمالها ، كما فى الستة الأخيرة ، فإنها تكون عند فصل القضاء ، وبعضها يحصل قبل ذلك بقليل ، كما فى الأحوال الستة المذكورة أولا ، إلا أنه لما كان بعض هذه الأمور من مبادئ يوم القيامة ، وبعضها من روادفه ، نسب علمها بذلك إلى زمان وقوع هذه الأمور كلها تهويلا للخطب ، وتفظيعا للأمر .
وإشعاراً بأن ما يسبق يوم القيامة وما يعقبه ، كل ذلك من الأهوال التى يشب لها الولدان .
وقوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ يقول تعالى ذكره : علمت نفس عند ذلك ما أَحضرت من خير ، فتصير به إلى الجنة ، أو شرّ فتصير به إلى النار ، يقول : يتبين له عند ذلك ما كان جاهلاً به ، وما الذي كان فيه صلاحه من غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ من عمل ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وإلى هذا جرى الحديث .
وقوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ جواب لقوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ وما بعدها ، كما يقال : إذا قام عبد الله قعد عمرو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.