تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ} (2)

ولكن أكثر الناس ، لا يقدر نعم الله قدرها ، ولهذا قال تعالى : { بَلْ عَجِبُوا } أي : المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، { أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم } أي : ينذرهم ما يضرهم ، ويأمرهم بما ينفعهم ، وهو من جنسهم ، يمكنهم التلقي عنه ، ومعرفة أحواله وصدقه .

فتعجبوا من أمر ، لا ينبغي لهم التعجب منه ، بل يتعجب من عقل من تعجب منه .

{ فَقَالَ الْكَافِرُونَ } الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم ، لا نقص بذكائهم وآرائهم{[811]}

{ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي : مستغرب ، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين :

إما صادقون في [ استغرابهم و ] تعجبهم ، فهذا يدل على غاية جهلهم ، وضعف عقولهم ، بمنزلة المجنون ، الذي يستغرب كلام العاقل ، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان ، وبمنزلة البخيل ، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء ، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه ، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله ؟ وإما أن يكونوا متعجبين ، على وجه يعلمون خطأهم فيه ، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه .


[811]:- كذا في ب، وفي أ: لا نقص بقلوبهم وعقولهم.