الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ} (2)

قوله بل عجبوا : { أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ } إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب ، وهو أن ينذرهم بالمخوف رجل منهم قد عرفوا وساطته فيهم وعدالتهم وأمانته ، ومن كان على صفته لم يكن إلا ناصحاً لقومه مترفرفاً عليهم ، خائفاً أن ينالهم سوء ويحل بهم مكروه ، وإذا علم أنّ مخوفاً أظلهم ، لزمه أن ينذرهم ويحذرهم ، فكيف بما هو غاية المخاوف ونهاية المحاذير ، وإنكار لتعجبهم مما أنذرهم به من البعث ، مع علمهم بقدرة الله تعالى على خلق السموات والأرض وما بينهما ، وعلى اختراع كل شيء وإبداعه ، وإقرارهم بالنشأة الأولى ، ومع شهادة العقل بأنه لا بدّ من الجزاء .