التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ} (2)

{ بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } وهو أنت يا محمد ، فلم يؤمنوا بك ، بل قابلوا دعوتك بالإِنكار والتعجب .

{ فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أى : هذا البعث الذى تخبرنا عنه يا محمد شئ يتعجب منه ، وتقف دون أفهامنا حائرة .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله - تعالى - : { بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ . . } بل للإِضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف ، فكأنه قيل إنا أنزلنا هذا القرآن لتنذر به الناس ، فلم يؤمنوا به ، بل جعلوا كلا من المنذِر والمنذَر به عرضة للتكبر والتعجب ، مع كونهما أوفق شئ لقضية العقول ، وأقربه إلى التلقى بالقبول .

وقوله : { أَن جَآءَهُمْ } بتقدير لأن جاءهم ، ومعنى " منهم " أى : من جنسهم ، وضمير الجمع يعود إلى الكفار . .

وقوله : { فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ } تفسير لتعجبهم . . وإضمارهم أولا ، للإِشعار بتعينهم بما أسند إليهم ، وإظهارهم ثانيا ، لستجيل الكفر عليهم . .