محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ} (2)

{ بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب 2 } .

{ بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم } أي : لأن جاءهم منذر من جنسهم ، لا من جنس الملك ، أو من جلدتهم . وهو كما قال أبو السعود – إضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف ، كأنه قيل : والقرآن المجيد ، أنزلناه إليك ، لتنذر به الناس . حسبما ورد في صدر سورة الأعراف ، كأنه قيل بعد ذلك : لم يؤمنوا به ، جعلوا كلا من المنذر والمنذر به عرضة للنكير والتعجيب ، مع كونهما أوفق شيء لقضية العقول ، وأقربه إلى التلقي بالقبول .

وقيل :التقدير : والقرآن المجيد ، إنك لمنذر . ثم قيل بعده إنهم شكوا فيه ، ثم أضرب عنه . وقيل : بل عجبوا ، أي لم يكتفوا بالشك والرد ، بل جزموا بالخلاف ، حتى جعلوا ذلك من الأمور العجيبة . وقيل : هو إضراب عما يفهم من وصف القرآن بالمجيد ، كأنه قيل : ليس سبب اقتناعهم من الإيمان بالقرآن أنه لا مجد له ، ولكن لجهلهم .

{ فقال الكافرون هذا شيء عجيب } تفسير لتعجبهم ، وبيان لكونه مقارنا لغاية الإنكار ، مع زيادة تفصيل لمحل التعجب . وهذا إشارة إلى كونه عليه الصلاة والسلام منذرا بالقرآن . وإضمارهم أولا ، للإشعار بتعينهم بما أسند إليهم . وإظهارهم ثانيا ، للتسجيل عليهم/ بالكفر بموجبه . أو عطف لتعجبهم من البعث ، على تعجبهم من البعثة . على أن هذا إشارة إلى مبهم ، يفسره ما بعده من الجملة الإنكارية .