الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَنَّهُمۡ يَقُولُونَ مَا لَا يَفۡعَلُونَ} (226)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : تهاجى رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أحدهما من الأنصار ؛ والآخر من قوم آخرين ، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء فأنزل الله { والشعراء يتبعهم الغاوون . . } الآيات .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ، مثله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : تهاجى شاعران في الجاهلية وكان مع كل واحد منهما فئام من الناس . فأنزل الله { والشعراء يتبعهم الغاوون } .

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عروة قال : لما نزلت { والشعراء } إلى قوله { ما لا يفعلون } قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله قد علم الله أني منهم . فأنزل الله { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إلى قوله { ينقلبون } .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي حسن سالم البراد قال : لما نزلت { والشعراء . . . } جاء عبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك ، وحسان بن ثابت ، وهم يبكون فقالوا : يا رسول الله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم أنا شعراء أهلكنا ؟ فأنزل الله { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليهم .

وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن أبي الحسن مولى بني نوفل ؛ أن عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت ، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الشعراء يبكيان وهو يقرأ { والشعراء يتبعهم الغاوون } حتى بلغ { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : أنتم { وذكروا الله كثيراً } قال : أنتم { وانتصروا من بعد ما ظلموا } قال : أنتم { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } قال : الكفار .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { يتبعهم الغاوون } قال : هم الكفار ، يتبعون ضلال الجن والإِنس { في كل وادٍ يهيمون } في كل لغو يخوضون { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } أكثرهم كاذبون ، ثم استثنى منهم فقال { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً } في كلامهم { وانتصروا من بعد ما ظلموا } قال : ردوا على الكفار الذين كانون يهجون المؤمنين .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { والشعراء } قال : المشركون منهم الذين كانوا يهجون النبي صلى الله عليه وسلم { يتبعهم الغاوون } غواة الجن { في كل واد يهيمون } في كل فن من الكلام يأخذون ، ثم استثنى فقال { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك ، كانوا يذبون عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هجاء المشركين .

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { يتبعهم الغاوون } قال : هم الرواة .

وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال { الشعراء يتبعهم الغاوون } فنسخ من ذلك واستثنى فقال { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً } .

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً } قال : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وعبد الله بن رواحة .

وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن مردويه عن كعب بن مالك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه ؟ فقال « إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه - والذي نفسي بيده - لكأنما بوجههم مثل نضج النبل » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه وسلم « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً » .

وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعاً : الشعراء الذين يموتون في الإِسلام يأمرهم الله أن يقولوا شعراً تتغنى به الحور العين لأزواجهن في الجنة ، والذين ماتوا في الشرك يدعون بالويل والثبور في النار .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من الشعر حكمة قال : وأتاه قرظة بن كعب ، وعبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت فقالوا : إنا نقول الشعر ، وقد نزلت هذه الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا { والشعراء } إلى قوله { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : أنتم هم { وذكروا الله كثيراً } قال : أنتم هم { وانتصروا من بعد ما ظلموا } قال : أنتم هم » .

وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { والشعراء يتبعهم الغاوون } قال : كان الشاعران يتقاولان ليكون لهذا تبع ولهذا تبع .

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة { والشعراء يتبعهم الغاوون } قال : هم عصاة الجن .