نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَنَّهُمۡ يَقُولُونَ مَا لَا يَفۡعَلُونَ} (226)

ولهذا قال : { وأنهم يقولون ما لا يفعلون* } أي لأنهم لم يقصدوه . وإنما ألجأهم إليه الفن الذي سلكوه فأكثر أقوالهم لا حقائق لها ، انظر إلى مقامات الحريري وما اصطنع فيها من الحكايات ، وابتدع بها من الأمور المعجبات . التي لا حقائق لها ، وقد جعلها أهل الاتحاد أصلاً لبدعتهم الكافرة ، وقاعدة لصفقتهم الخاسرة ، فما أظهر حالهم ، وأوضح ضلالهم ! وهذا بخلاف القرآن فإنه معان جليلة محققة ، في ألفاظ متينة جميلة منسقة ، وأساليب معجزة مفحمة ، ونظوم معجبة محكمة ، لا كلفة في شيء منها ، فلا رغبة لذي طبع سليم عنها ، فأنتج ذلك أنه لا يتبعهم على أمرهم إلا غاو مثلهم ، ولا يزهد في هذا القرآن إلا من طبعه جاف ، وقلبه مظلم مدلهم .