الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٖ} (54)

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { فتول عنهم فما أنت بملوم } قال : أمره الله أن يتولى عنهم ليعذبهم وعذر محمداً صلى الله عليه وسلم ثم قال : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } فنسختها .

وأخرج اسحق بن راهويه وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب في أسانيدهم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان والضياء في المختارة من طريق مجاهد عن علي قال : لما نزلت { فتول عنهم فما أنت بملوم } لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتولي عنا ، فنزلت { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } فطابت أنفسنا .

وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عليّ رضي الله عنه في قوله { فتول عنهم فما أنت بملوم } قال : ما نزلت علينا آية كانت أشد علينا منها ولا أعظم علينا منها ، فقلنا : ما هذا إلا من سخطة أو مقت ، حتى نزلت { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } قال : ذكر بالقرآن .

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله { فتول عنهم فما أنت بملوم } قال : ذكر لنا أنها لما نزلت اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأوا أن الوحي قد انقطع ، وأن العذاب قد حضر ، فأنزل الله بعد ذلك { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { فتول عنهم فما أنت بملوم } قال : فأعرض عنهم ، فقيل له : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } فوعظهم .