اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٖ} (54)

قوله «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ » فأعرض عنهم ، { فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ } لا لوم عليك ، قد أديت الرسالة ، وما قصرت فيما أمرت به{[53004]} . وهذه تسليةٌ أُخْرَى .

قال المفسرون : لما نزلت هذه الآية حَزِنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاشتدّ ذلك على أصحابه وظنوا أن الوحي قد انقطع ، وأن العذاب قد حضر إذ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتولَّى عنهم فأنزل الله : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمنين } فطابت أنفسهم . والمعنى : ليس التولي مطلقاً ، بل تَوَلَّ وأَقْبِلْ وأَعرض وادعُ فلا التولي يضرك إذا كان عليهم ، ولا التذكير يضيع إذا كان مع المؤمنين .

قال مقاتل : معناه عِظ بالقرآن كفار مكة ، فإن الذكرى تنفع من علم الله أنه يؤمن منهم . وقال الكلبي : عظ بالقرآن من آمن من قومك ، فإن الذكرى تنفعهم{[53005]} .


[53004]:قاله البغوي 6/247.
[53005]:وانظر: تفسير العلامة البغوي والخازن 6/247.