قوله : { يا بني إسرائيل } إلى قوله : { ولا هم ينصرون } قد سبق مثل هذا في صدر السورة ، وتقدم تفسيره ، ووجه التكرار الحثّ على اتباع الرسول النبي الأميّ ، ذكر معناه ابن كثير في تفسيره .
وقال البقاعي في تفسيره : إنه لما طال المدى في استقصاء تذكيرهم بالنعم ، ثم في بيان عوارهم ، وهتك أستارهم ، وختم ذلك بالترهيب لتضييع أديانهم بأعمالهم ، وأحوالهم ، وأقوالهم ، أعاد ما صدّر به قصتهم من التذكير بالنعم ، والتحذير من حلول النقم يوم تجمع الامم ، ويدوم فيه الندم لمن زلت به القدم ، ليعلم أن ذلك ، فذلكة القصة ، والمقصود بالذات الحثّ على انتهاز الفرصة . انتهى . وأقول : ليس هذا بشيء ، فإنه لو كان سبب التكرار ما ذكره من طول المدى ، وأنه أعاد ما صدّر به قصتهم لذلك لكان الأولى بالتكرار ، والأحق بإعادة الذكر هو قوله سبحانه : { يا بني إسراءيل اذكروا نِعْمَتِيَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وإياى فارهبون } [ البقرة : 40 ] فإن هذه الآية مع كونها أوّل الكلام معهم والخطاب لهم في هذه السورة ، هي أيضا أولى بأن تعاد وتكرر ؛ لما فيها من الأمر بذكر النعم ، والوفاء بالعهد ، والرهبة لله سبحانه ، وبهذا تعرف صحة ما قدّمناه لك عند بيان شرع الله سبحانه في خطاب بني إسرائيل من هذه السورة فراجعه .
ثم حكى البقاعي بعد كلامه السابق عن الحرالي أنه قال : كرّره تعالى إظهاراً لمقصد التئام آخر الخطاب بأوّله ، وليتخذ هذا الإفصاح ، والتعليم أصلاً ، لما يمكن بأن يرد من نحوه في سائر القرآن حتى كان الخطاب إذا انتهى إلى غاية خاتمه يجب أن يلحظ القلب بذاته تلك الغاية ، فيتلوها ليكون في تلاوته جامعاً لطرفي الثناء ، وفي تفهيمه جامعاً لمعاني طرفي المعنى انتهى . وأقول : لو كان هذا هو سبب التكرار لكان الأولى به ما عرفناك . وأما قوله : وليتخذ ذلك أصلاً لما يرد من التكرار في سائر القرآن فمعلوم أن حصول هذا الأمر في الأذهان ، وتقرره في الأفهام ، لا يختص بتكرير آية معينة يكون افتتاح هذا المقصد بها ، فلم تتم حينئذ النكتة في تكرير هاتين الآيتين بخصوصهما ، ولله الحكمة البالغة التي لا تبلغها الأفهام ، ولا تدركها العقول ، فليس في تكلف هذه المناسبات المتعسفة إلا ما عرفناك به هنالك فتذكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.