تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُمۡ فَأَنذِرۡ} (2)

إرشادات للنبي صلى الله عليه وسلم في بدء الدعوة

بسم الله الرحمان الرحيم

{ يا أيها المدّثر 1 قم فأنذر 2 وربك فكبّر 3 وثيابك فطهّر 4 والرّجز فاهجر 5 ولا تمنن تستكثر 6 ولربك فاصبر 7 فإذا نقر في النّاقور 8 فذلك يومئذ يوم عسير 9 على الكافرين غير يسير 10 }

المفردات :

المدّثر : المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم .

قم : من مضجعك ، أو قم قيام عزم وتصميم .

فأنذر : فحذّر الناس ، وخوفهم من عذاب الله .

التفسير :

1 ، 2- يا أيها المدّثر* قم فأنذر .

روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( جاورت بحراء شهرا ، فلما قضيت جواري نزلت ، فنوديت ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، فرجعت فقلت : دثروني ، فأنزل الله : يا أيها المدثر* قم فأنذرii .

والمعنى :

يا أيها المتلفف بثيابه ، أو المتدثر بالنبوة والكمالات النفسية ، أو المتغشّي بثوبه رعبا من رؤية الملك ، قم من مضجعك ، أو قم قيام عزم وتصميم ، وشمّر عن ساعد الجدّ ، فقد جاء الأمر الإلهي باصطفائك رسولا ، وجاء الأوان لتباشر مهمتك ، لتدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به ، وتحذرهم من عذاب الآخرة .

قل ابن كثير : قم فأنذر . أي : شمّر عن ساق العزم وأنذر الناس .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{قُمۡ فَأَنذِرۡ} (2)

{ قُم } من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم وجعله أبو حيان على هذا المعنى من أفعال الشروع كقولهم قام زيد يفعل كذا وقوله

: على ما قام يشتمني لئيم *** وقام بهذا المعنى من أخوات كاد وتعقب بأنه لا يخفي بعده هنا لأنه استعمال غير مألوف وورود الأمر منه غير معروف مع احتياجه إلى تقدير الخبر فيه وكله تعسف { فَأَنذِرْ } أي فافعل الإنذار أو أحدثه فلا يقصد منذر مخصوص وقيل يقدر المفعول خاصاً أي فأنذر عشيرتك الأقربين لمناسبته لابتداء الدعوة في الواقع وقيل يقدر عاماً أي فأنذر جميع الناس لقوله تعالى : { وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } [ سبأ : 28 ] ولم يقل هنا وبشر لأنه كان في ابتداء النبوة والإنذار هو الغالب إذ ذاك أو هو اكتفاء لأن الإنذار يلزمه التبشير وفي هذا الأمر بعد ذلك النداء إشارة عند بعض السادة إلى مقام الجلوة بعد الخلوة قالوا وإليهما الإشارة أيضاً في حديث «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف » الخ .