تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

1

طغى الماء : تجاوز حدّه وارتفع .

حملناكم : حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم .

الجارية : السفينة التي تجري في الماء .

إنا لمّا طغا الماء حملناكم في الجارية .

يمتنّ الله على عباده جميعا بإغراق المكذّبين ، ونجاة نوح ومن معه من المؤمنين ، حيث كان الناس جميعا من نسل نوح عليه السلام ، فمنهم من استمرّ على إيمانه ، ومنهم من آثر الكفر والضلال ، والأصل أم كلّ شيء عند الله بمقدار ، فما نزلت قطرة ماء من السماء إلا بأمر ملك من الملائكة ، وحين دعا نوح ربّه : دعا ربّه أني مغلوب فانتصر . ( القمر : 10 ) .

استجاب الله سبحانه له ، كما قال تعالى : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر* وفجّرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر* وحملناه على ذات ألواح ودسر* تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر* ولقد تركناها آية فهل من مدّكر . ( القمر : 11- 15 ) .

والآية هنا في سورة الحاقة تعرض صورة الماء طاغيا زائدا مرتفعا ، متجاوزا للحدود المألوفة ، طاغيا ومرتفعا فوق الجبال ، يغرق كل شيء بإذن الله ، ثم سخّر الله السفينة الجارية ، تحمل نوحا ومن معه من المؤمنين ، متجاوبة مع الكون كلّه في الخضوع لأمر الله ومشيئته .

قال تعالى : وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم* وهي تجري بهم في موج كالجبال . . . ( هود : 41 ، 42 ) .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

{ إنا لما طغى الماء } أي عتا وجاوز حده حتى علا على كل شيء وارتفع فوقه ، يعني زمن نوح عليه السلام ، { حملناكم } أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم ، { في الجارية } في السفينة التي تجري في الماء .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إنا لما طغا الماء} وارتفع فوق كل شيء.

{حملناكم في الجارية} يعني السفينة يقول: حملنا الآباء وأنتم في أصلابهم في السفينة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: إنا لما كثر الماء فتجاوز حدّه المعروف... وذلك زمن الطوفان.

"حَمَلْناكُمْ فِي الجارِيَةِ ": حملناكم في السفينة التي تجري في الماء...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{إنا لما طغا الماء} أي طغى على الذين أهلكوا من مكذبي نوح عليه السلام، والله اعلم...

{حملناكم في الجارية} قد ذكر أنه {حملناكم} ولم نكن نحن يومئذ فنحمل، والخطاب للذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان، لأن بنجاة أولئك المحمولين نجاة ذريتهم، وبهلاك أولئك فناء ذريتهم، فكأنه قد حملهم بحمل أولئك لما حصل لهم النجاة بحملهم، أو أضاف إليهم لأنه قدر كونهم من آبائهم، فكأنهم حملوا تقديرا، وإن لم نكن محمولين في السفينة، فقد حمل أصلنا لنكون نحن من ذلك الأصل، فكأنا قد حملنا فيها، إذ كنا في إرادة الله تعالى من الكائنين، والله أعلم..

أو ذكر ذلك منة منه على الأبناء بصنيعه بالآباء ليعلم أن على الأبناء شكر ما أحسن إلى آبائهم وأجدادهم، والله أعلم...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

والمقصود من قصص هذه الأمم وذكر ما حل بهم من العذاب: زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول...

ثم من عليهم بأن جعلهم ذرية من نجا من الغرق بقوله: "حملناكم"... والمحمول في الجارية نوح وأولاده، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ومشهد طغيان الماء ومشهد الجارية على الماء الطاغي، كلاهما يتناسق مع مشاهد السورة وظلالها. وجرس الجارية وواعية يتمشى كذلك مع إيقاع القافية...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{إِنَّا لَمَّا طَغَا الماء} في طوفان نوح الذي أهلك الله به القوم الكافرين، {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} أيها المؤمنون، لأن الله أراد للحياة أن تبدأ عهداً جديداً في خط الإيمان به وبرسله وباليوم الآخر...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

< إنا لما طغى الماء } جاوز حده يعني أيام الطوفان { حملناكم } أي حملنا آباءكم { في الجارية } وهي السفينة

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

{ طغى الماء } عبارة عن كثرته ، فيحتمل أن يريد أنه طغى على أهل الأرض أو على خزانه يعني وقت طوفان نوح عليه السلام .

{ حملناكم في الجارية } هي السفينة ، فإن أراد سفينة نوح فمعنى حملناكم حملنا آباءكم لأن كل من على الأرض من ذرية نوح وأولاده الثلاثة الذين كانوا معه في السفينة ، وإن أراد جنس السفن فالخطاب على حقيقته .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي ٱلۡجَارِيَةِ} (11)

ولما {[67933]}كان ربما{[67934]} وقع في وهم التعجب من وجود فرعون ومن بعده من الإخبار بأخذ من قبله على قراءة الجماعة مع أن " من " من{[67935]} صيغ{[67936]} العموم ، أشار إلى أنه أهلك{[67937]} جميع المخالفين{[67938]} وأنجى جميع{[67939]} الموافقين ، قال جواباً لذلك السؤال مؤكداً لأجل من {[67940]}يتعنت ولأن {[67941]}ذلك كان{[67942]} مما يتعجب منه ويتلذذ بذكره : { إنا } أي على {[67943]}قدرتنا و{[67944]}عظمتنا وإحاطتنا { لما طغا الماء } أي فزاد عن الحد حتى علا على أعلى جبل في الأرض بقدر ما يغرق من كان عليه حين{[67945]} أغرقنا قوم نوح عليه السلام به{[67946]} فلم يطيقوا ضبطه ولا قاووه بوجه من الوجوه ، ولا وفقوا لركوب السفينة ، فكان خروجه عن العادة راداً على أهل الطبائع .

ولما كان الإيجاد نعمة فكان إنجاء آبائهم من الغرق حتى كان ذلك سبباً لوجودهم نقمة عليهم قال تعالى : { حملناكم } أي في ظهور آبائكم بعظمتنا ومشيئتنا وقدرتنا { في الجارية * } أي السفينة التي جعلناها بحكمتنا عريقة في الجريان حتى كأنه لا جارية غيرها على وجه الماء الذي جعلنا من شأنه الإغراق ، وهو تعبير بالصفة عن الموصوف ، ونوح عليه السلام أول من صنع السفينة ، وإنما صنعها بوحي الله تعالى وبحفظه له من أن {[67947]}يزل في صنعتها{[67948]} ، قال : اجعلها كهيئة صدر الطائر ليكون ما يجري في الماء مقارباً{[67949]} لما يجري في الهواء ، وأغرقنا سوى من في السفينة من جميع أهل الأرض من آدمي وغيره .


[67933]:- من ظ وم، وفي الأصل: ربما كان.
[67934]:- من ظ وم، وفي الأصل: ربما كان.
[67935]:- زيد من ظ وم.
[67936]:- زيد في الأصل: النور، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67937]:- زيد من ظ وم.
[67938]:- من ظ وم، وفي الأصل: المخلوقين.
[67939]:- زيد في الأصل: المؤمنين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67940]:- من ظ وم، وفي الأصل: معا ولأجل.
[67941]:- من ظ وم، وفي الأصل: معا ولأجل.
[67942]:- سقط من ظ وم.
[67943]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67944]:- من ظ وم، وفي الأصل: حتى.
[67945]:- زيد من ظ وم.
[67946]:- زيد من ظ وم.
[67947]:- من ظ وم، وفي الأصل: ينزل في صنعها.
[67948]:- من ظ وم، وفي الأصل: ينزل في صنعها.
[67949]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقاد.