هنيئا : الطعام الهنيء : ما لا يلحق المرء فيه مشقة ، ولا يعقبه تخمة ولا سقم .
19- { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .
أي : يقال لأهل الجنة تكريما وتعظيما وتنعيما لهم : كلوا أكلا هنيئا ، واشربوا شربا هنيئا ، تكون فيهما هناءة الجسم ، وسعادة النفس ، بلا مرض ولا تعب ولا وخم ، ولا عاقبة سيئة ، ولا خوف ولا حزن ، بل هناءة وسعادة وفرح وحبور ، ونضارة وأمن جزاء ما قدمتم في الدنيا من العبادة والصلاح ، والاستقامة على الجادة ، والبعد عن الشبهات ، واجتناب المحرمات .
قال الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسير المراغي :
وفي قوله : هنيئا . إشارة إلى خلو المآكل والمشارب مما ينغِّصهما ، فإن الآكل قد يخاف المرض فلا يهنأ له الطعام ، أو يخاف النفاد فيحرص عليه ، أو يتعب في تحصيله وتهيئته بالطبخ والإنضاج ، ولا يكون شيء من هذا في الآخرة . أ . ه .
{ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً } أي يقال لهم { كُلُواْ واشربوا } أكلا وشربا هنيئاً ، أو طعاماً وشراباً هنيئاً ، فالكلام بتقدير القول ، و { هَنِيئَاً } نصب على المصدرية لأنه صفة مصدر . أو على أنه مفعول به ، وأياً مّا كان فقد تنازعه الفعلان ، والهنيء كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي بسببه أو بمقابلته والباء عليهما متعلق بكلوا واشربوا على التنازع ، وجوز الزمخشري كونها زائدة وما بعدها فاعل هنيئاً كما في قول كثير
: هنيئاً مريئاً غير داء مخامر *** لعزة من أعراضنا ما استحلت
فإن ما فيه فاعل هنيئاً على أنه صفة في الأصل بمعنى المصدر المحذوف فعله وجوباً لكثرة الاستعمال كأنه قيل : هنؤ لعزة المستحل من أعراضنا ، وحينئذ كما يجوز أن يجعل ما هنا فاعلاً على زيادة الباء على معنى هنأكم ما كنتم تعملون يجوز أن يجعل الفاعل مضمراً راجعاً إلى الأكل أو الشرب المدلول عليه بفعله ، وفيه أن الزيادة في الفاعل لم تثبت سماعاً في السعة في غير فاعل { كفى } [ النساء : 6 ] على خلاف ولا هي قياسية في مثل هذا ومع ذلك يحتاج الكلام إلى تقدير مضاف أي جزاء ما كنتم الخ ، وفيه نوع تكلف .
ومما ذكروه من باب الإشارة : { كُلُواْ } من ثمرات المعارف المختصة باللطيفة النفسية { واشربوا } [ الطور : 19 ] من مياه العيون المختصة باللطيفة القلبية
ويقال لهم : { كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون } أي بسبب ما كُنتم تعملونه من أعمال البر والإِصلاح بعد الفرائض واجتناب الشرك والمعاصي .
- مشروعية الدعاء بكلمة هنيئا لمن أكل أو شرب ائتساء بأهل الجنة .
- الإِيمان والأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة وليست ثمنا لها لأن الجنة أغلى من عمل الإنسان ، وإنما العمل الصالح يزكى النفس فيؤهل صاحبها لدخول الجنة فالباء في قوله { بما كنتم تعملون } سببية وليست للعوض كما في قولك بعتك الدار بألف مثلا .
{ كُلُوا وَاشْرَبُوا } أي : مما تشتهيه أنفسكم ، من [ أصناف ] المآكل والمشارب اللذيذة ، { هَنِيئًا } أي : متهنئين بتلك المآكل والمشارب{[875]} على وجه الفرح والسرور والبهجة والحبور . { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : نلتم ما نلتم بسبب أعمالكم الحسنة ، وأقوالكم المستحسنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.