تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلۡقَارِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القارعة

أهداف سورة القارعة

( سورة القارعة مكية ، وآياتها 11 آية ، نزلت بعد سورة قريش )

والقارعة اسم من أسماء القيامة ، كالحاقة والصاخة والطامة والغاشية ، وسميت قارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها . والسورة كلها عن هذه القارعة : حقيقتها ، وما يقع فيها ، وما تنتهي إليه ، فهي تعرض مشهدا من مشاهد القيامة . والمشهد المعروض هنا مشهد هول ، تتناول آثاره الناس والجبال ، فيبدو الناس في ظله صغارا ضئالا على كثرتهم ، فهم كالفراش المبثوث ، مستطارون مستخفون في حيرة الفراش الذي يتهافت على الهلاك ، وهو لا يملك لنفسه وجهة ، ولا يعرف له هدفا . وتبدو الجبال التي كانت ثابتة راسخة كالصوف المنفوش ، تتقاذفه الرياح ، وتعبث به حتى الأنسام .

عندئذ يرجح وزن المؤمن وتثقل درجته ، فيعيش عيشة راضية ، ويخفّ ميزان الكافر وتهوى منزلته ، فيصطلى بنار حامية .

مع آيات السورة

1-3- القارعة* ما القارعة* وما أدراك ما القارعة .

القارعة . استفهام عن حقيقتها ، قصد به تهويل أمرها ، كأنها لشدة ما يكون فيها ، مما تفزع له النفوس وتدهش له العقول ، يصعب تصورها .

وما أدراك ما القارعة . أي شيء يعرفك بها ؟ زيادة في تعظيم تلك الحادثة العظيمة ، كأن لا شيء يحيط بها ويفيدك برسمها ، ثم أخذ بزمامها وما يكون للناس فيها .

4- يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . أي : يكون الناس من حيرتهم وذهولهم كالفراش الهائم على وجهه ، المنتشر في الفضاء لا يدري ماذا يصنع ، قال تعالى في آية أخرى : كأنهم جراد منتشر . ( القمر : 7 ) .

5- وتكون الجبال كالعهن المنفوش . أي : تصبح في صورة الصوف المنفوش ، فلا تلبث أن تذهب وتتطاير ، وفي سورة ( عم يتساءلون ) قال تعالى : وسيّرت الجبال فكانت سرابا . ( النبأ : 20 ) .

6 ، 7- فأما من ثقلت موازينه* فهو في عيشة راضية .

أي : من ثقلت موازينه برجحان كفّة حسناته على سيئاته ، فهو في الجنة . ويقال : ثقل ميزان فلان ، إذا كان له قدر ومنزلة رفيعة ، كأنه إذا وضع في ميزان كان له به رجحان ، وإنما يكون المقدار والقيمة لأهل الأعمال الصالحة ، والفضائل الراجحة ، فهؤلاء يجزون النعيم الدائم والعيشة الراضية .

8 ، 9- وأما من خفّت موازينه* فأمّه هاوية . يقال : خفّ ميزان فلان ، أي سقطت قيمته فكأنه ليس بشيء ، حتى لو وضع في كفة ميزان لم يرجح بها على أختها ، ومن كان في الدنيا كثير الشر قليل فعل الخير ، يجترئ على المعاصي ، ويفسد في الأرض ، فإنه لا يكون شيئا في الآخرة ، ولا ترجح به كفة ميزان لو وضع فيها .

ويرى بعض المفسرين أن الذي يوزن هو الصحف التي تكتب فيها الحسنات والسيئات ، وأن الحسنات تمثل وتقابل بالنور والخير ، وأن السيئات تمثل وتقابل بالظلام والشر ، وأن من كثر خيره كان ناجيا ، ومن كثر شره كان هالكا .

وهذا الميزان نؤمن به ونفوّض حقيقة المراد به إلى الله تعالى ، فلا نسأل كيف يزن ؟ ولا كيف يقدر ؟

قال تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين . ( الأنبياء : 47 ) .

فأمّه هاوية . مرجعه الذي يأوي إليه كما يأوي الولد إلى أمه ، أي : فمسكنه ومأواه النار .

10- وما أدراك ماهيه . أي : ما الذي يخبرك بما هي تلك الهاوية ، وأي شيء تكون ؟

11- نار حامية . هي نار ملتهبة بلغت النهاية في الحرارة ، يهوى فيها ليلقى جزاء ما قدّم من عمل .

***

مقاصد السورة

1- وصف أهوال يوم القيامة ومشاهده .

2- وزن الأعمال ورجحان كفة المؤمن ، وخفة كفة الفاجر .

3- السعداء يدخلون الجنة ، والأشقياء يذهبون إلى النار .

مشاهد القيامة

بسم الله الرحمان الرحيم

{ القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث 4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفّت موازينه 8 فأمّه هاوية 9 وما أدراك ماهيه 10 نار حامية 11 }

المفردات :

القارعة : يوم القيامة .

وما أدراك ما القارعة : استفهام عن حقيقتها ، قصد به تهويل أمرها .

1 ، 2 ، 3- القارعة* ما القارعة* وما أدراك ما القارعة .

القارعة . هي القيامة ، وسمّيت القارعة لأنها تقرع الناس بأهوالها وشدّتها ، وتسمّى الحاقة ، والصاخة ، والطامة الكبرى ، والواقعة ، والقيامة ، وتبدأ بالنفخة الأولى من إسرافيل في الصور ، وتنتهي بفصل القضاء بين الخلائق ، فمنهم شقي وسعيد .

ما القارعة .

تهويل لشأنها ، أي : أي شيء هي ؟ وما أعلمك ما شأن القارعة ؟

وما أدراك ما القارعة .

تأكيد لشدة هولها على النفوس ، كأنه لا شيء يحيط بها ، مهما تخيلت أمرها فهي أعظم من تقديرك وتوقّعاتك ، ثم فسّر ذلك ، وأبان زمانها وأماراتها ، فقال : { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث . }

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ٱلۡقَارِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وآياتها إحدى عشر .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ القارعة } القيامة ، ومبدؤها النفخة الأولى ، ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق ؛ من القرع ، وهو الضرب بشدة ، بحيث يحصل منه صوت شديد . سميت القيامة بها ؛ لأنها تقرع بأهوالها . تقول العرب : قرعتهم القارعة ، وفقرتهم الفاقرة : إذا وقع بهم أمر فظيع . وقيل : هي صوت النفخة يقرع الأسماع ويصكها .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلۡقَارِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القارعة مكية ، وآياتها إحدى عشرة ، نزلت بعد سورة قريش . والقارعة من أسماء القيامة ، كالحاقة والصاخّة والطامّة والغاشية ، سميت بذلك ؛ لأنها تقرع القلوب بهولها . وقد بدأت السورة بالتهويل من شأن القارعة التي تصكّ أسماع الناس ،

وما في ذلك اليوم من شدائد ، وما يكون فيه من أحداث عظام . وذكرت كيف تُنسف الجبال ، وتتطاير حتى تصبح كالصوف المنفوش .

كذلك تحدّثت السورة عن أعمال الناس ، وأن منهم سعداء برجحان حسناتهم ، ومنهم أشقياء بسبب أعمالهم السيئة وسوء مصيرهم .

القارعة : القيامة .

يُهوّلُ الله تعالى في هذه الآية والآيات التي بعدها من وصف يومِ القيامة التي تَقرَعُ قلوبَ الناس بما فيها من أحداثٍ وشدائد .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلۡقَارِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بإجماع . وهي عشر آيات{[1]}

قوله تعالى : { القارعة ، ما القارعة } أي القيامة والساعة ، كذا قال عامة المفسرين . وذلك أنها تقرع الخلائق بأهوالها وأفزاعها . وأهل اللغة يقولون : تقول العرب : قرعتهم القارعة ، وفقرتهم الفاقرة ، إذا وقع بهم أمر فظيع . قال ابن أحمر :

وقارعةٍ من الأيام لولا *** سبيلهم لزاحت{[16314]} عنك حِينَا

وقال آخر :

متى تقرع بمَرْوَتِكُمْ{[16315]} نَسُؤْكُمْ *** ولم تُوقَدْ لنَا في القدر نَارُ

وقال تعالى : { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة }{[16316]} [ الرعد : 31 ] وهي الشديدة من شدائد الدهر .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[16314]:في بعض النسخ: "لراحت" بالراء.
[16315]:المروة: حجر يقدح به النار.
[16316]:آية 31 سورة الرعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلۡقَارِعَةُ} (1)

لما ختم العاديات بالبعث ذكر صيحته فقال : { القارعة * } أي الصيحة أو القيامة ، سميت بها ؛ لأنها تقرع أسماع الناس ، وتدقها دقاً شديداً عظيماً مزعجاً بالأفزاع ، والأجرام الكثيفة بالتشقق والانفطار ، والأشياء الثابتة بالانتثار .