مثوى : مأوى ومقر ، أي : قبح مقر المتكبرين جهنم .
76- { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين } .
بسبب كفركم وعنادكم وسروركم بالباطل ، وتعاليكم على المؤمنين والمرسلين ، ادخلوا أبواب جهنم السبعة ، وأقيموا في جهنم إقامة دائمة ، يتحقق لكم فيها الذلّ والهوان ، وألوان العذاب الأليم ، فبئست جهنم مآلا ومقاما للمتكبرين عن قبول الحق ، والممتنعين عن الإيمان بالرسل .
وفي معنى الآية قوله تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين* وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } . ( الحجر : 42-44 ) .
{ بما كنتم تفرحون } . بالمعاصي ، يقال لهم ذلك توبيخا ، أي إنّما نالكم هذا بما كنتم تظهرون في الدنيا من السرور بالمعصية ، وكثرة المال والأتباع والصحة ، وقيل : إن فرحهم بما عندهم أنهم قالوا للرسل : نحن نعلم أنا لا نبعث ولا نعذّب ، وكذا قال مجاهد في قوله جل وعزّ : { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم . . . } ( غافر : 83 ) .
قال مجاهد ، وغيره : أي تَبْطرون وتأشرون ، وقال الضحاك : الفرح والسرور والمرح : العدوان .
وروى خالد ، عن ثور ، عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبعض البذخين الفرحين ، ويحب كل قلب حزين ، ويبغض أهل بيت لحمين ، ويبغض كل حبر سمين " ، فأما أهل بيت لحمين ، فالذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة ، وأما الحبر السمين ، فالمتبحر بعلمه ، ولا يخبر بعلمه الناس ، يعني المستكثر من علمه ، ولا ينفع به الناس ، ذكره الماوردي .
وقد قيل في اللحمين : إنهم يكثرون أكل اللحم ، ومنه قول عمر : اتقوا هذا المجازر ، فإن لها ضراوة كضراوة الخمر ، ذكره المهدوي ، والأول قول سفيان الثوري .
{ أدخلوا أبواب جهنم . . . } أي : يقال لهم ذلك اليوم .
وقد قال تعالى : { لها سبعة أبواب } ( الحجر : 44 ) .
أي : ادخلوا أبواب جهنم المفتوحة أمامكم ، حال كونكم خالدين فيها خلودا أبديا ، فبئس مكان المتكبرين عن قبول الحقّ .
كيف نوفق بين قوله تعالى : { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون * ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين } .
وبين ما ورد في صحيح البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أعوذ بك من الهّم والحزن ، وأعوذ بك من العَجْز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرجال " .
وهل يفهم من الآيتين أن الإسلام يكره الفرح والسرور والبشر والحبور ؟
الإسلام يكره فرح الإنسان بما عنده من الباطل أو الكفر أو الشرك ، كان يكره البطر والكبر والأشر والتعالي على عباد الله ، فالفرح الممقوت هنا هو الفرح في الأرض بغير الحق ، والمرح بارتكاب المعاصي والفسوق ، والفجور والمعصية ، والبعد عن هدى السماء ، والترفع عن الإيمان برسل الله ، والإسلام دين وسط يحث على الاعتدال واليسر والبشر .
قال تعالى : { ونيسرك لليسرى } . ( الأعلى : 8 ) .
وقال سبحانه وتعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر . . . } ( البقرة 185 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : " يسيروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا " {[626]} .
وقال تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا . . . } ( يونس : 58 ) .
وقال تعالى : { رضي الله عنهم ورضوا عنه . . . } ( البينة : 8 ) .
وتقول عائشة رضي الله عنها : كان صلى الله عليه وسلم أفكه الناس في بيته ، ضحوكا بساما {[627]} .
وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا{[628]} .
وقال صلى الله عليه وسلم : " روحوا القلوب ساعة ، فإنها إذا تعبت كلّت ، وإذا كلّت عميت " {[629]} .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن لربك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لضيفك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه " {[630]} .
وقال صلى الله عليه وسلم : " حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء ، والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " {[631]} .
وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أتقاكم لله أنا ، وإن أعلمكم بالله أنا ، وإن أخوفكم من الله أنا ، ومع هذا فإني أصوم وأفطر ، وأقوم وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس منّي " {[632]} .
وروى البخاري أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستمع إلى جاريتين من الأنصار تغنّيان في يوم عيد ، فدخل أبو بكر الصديق فقال : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " دعهما يا أبا بكر ، فإن اليوم يوم عيد ، دعهما يا أبا بكر ، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة " {[633]} .
لقد كان صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في خُلُقِه وهديه وسمته ، ودلّه وسلوكه ، وكان مثلا أعلى في السلوك ، فهو من أصحابه كأحدكم ، إن أخذوا في أمر الدين أخذ معهم ، وإن أخذوا في أمر الدنيا أخذ معهم ، لا يترفع على أصحابه ، إذا فرح ظهر السرور في وجهه كأنه مذهبه ، أي ظهر الرضا في وجهه كأن الذهب وبريقه يلمع في بشرته ، وكان أسيل الخدين ، أدعج العينين ، سبط الشعر ، طويل الرقبة ، ما تعرّض من وجهه للشمس كأنه الذهب ، وما خفي من رقبته عن الشمس كأنه الفضة ، فكان كأنه إبريق فضة مطعّم بالذهب ، يجري ماء الحسن في وجهه ، إنسان بكل معاني الإنسانية .
إن هدي القرآن الكريم وروح السنّة المطهرة فيهما إرشاد وتوجيه إلى السلوك السوّي المعتدل ، فإذا فرح الإنسان ظهر الرضا في وجهه في اعتدال ، وإذا حزن في موقف أظهر ذلك في اعتدال ، والإنسان المسلم إنسان كامل الإنسانية ، جيّاش العواطف ، مؤمن بالقضاء والقدر ، راض بالقدر خيره وشرّه ، حُلوه ومرّه ، وهو عامل مجتهد نافع كادح ، يعتبر أن البِشْر والرضا والكلمة الطيبة صدقة .
وفي الحديث الصحيح : " تبسُّمك في وجه أخيك صدقة " {[634]} .
وفي الأثر : " البرّ شيء هين ، وجه طليق ، وكلام ليّن "
وفي الحديث الشريف : " إن أحبّكم إليّ وأقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، والموطئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني منازل يوم القيامة الثرثارون المتشدقون ، المتفيهقون ( المتكبرون ) " {[635]} .
وفي أذكار الصباح والمساء نجد لمسة الفرح والسرور ، والرضا والاستبشار ، والفرح بالجمال والنور والنعمة ، والاستعاذة بالله من الهموم والأحزان .
من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم
" رضينا بالله تعالى ربّا ، بالإسلام دينا ، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا "
" يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك " {[636]} .
اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض فيّ حكمك ، عدل فيّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، وذهاب غمّي وحزني " {[637]} .
وهذا الدعاء علمه النبي صلى الله عليه وسلم لرجل مهموم حزين ، فأذهب الله عنه الهموم والأحزان .
إن الإسلام يدعونا إلى الرضا والفرح والسرور بنعم الله تعالى علينا ، ويعلمنا أن نستعيذ بالله تعالى من الهمّ والحزن .
وعندما أنشد كعب بن زُهير قصيدته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها :
وقال كل صديق كنت أمله لا ألفينّك إني عنك مشغول .
فقلت خلّوا سبيلي لا أبا لكم فكل ما قدّر الرحمان مفعول .
نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
إن الرسول لنور يستضاء به مهنّد من سيوف الله مسلول .
فرح الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه القصيدة ، وعفا عن كعب بن زهير ، وخلع بردته وكسا بها هذا الشاعر ، إعلانا عن رضاه وسروره بما قال .
ونحن نأخذ الإسلام بجميع أركانه وآدابه ومشتملاته ، وسنجد أنه نظام يكفل السعادة والرضا والبشر ، ويهتم بإنسانية الإنسان ، ويشيع البسمة والرضا ، ويقاوم الخوف والحزن واليأس والإحباط .
قال تعالى : { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران : 139 ) .
وقال سبحانه : { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } . ( يوسف : 87 ) .
صحيح أن القرآن حذّرنا من معصية الله ، ومن التجرؤ على مخالفة أوامره ، قال تعالى : { وخافون إن كنتم مؤمنين } ( آل عمران : 175 ) .
وفي نفس الوقت حثنا على الرجاء والأمل في رحمة الله الواسعة فقال سبحانه : { ورحمتي وسعت كل شيء . . . } ( الأعراف : 156 ) .
وعند الشباب نغلّب الخوف على الرجاء ، وعند الشيخوخة نغلّب الرجاء على الخوف ، ونرفع رصيد الأمل في رحمة الله ومغفرته ، ومعونته وفضله ، وكريم عفوه ، وسابغ فضله ، وبهذا تتكامل إنسانية الإنسان واستقامة سلوكه في جميع مراحل حياته .
قال تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم } . ( فصلت : 30-32 )
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ادخلوا أبواب جهنم} السبع {خالدين فيها} لا تموتون.
{فبئس مثوى} يعني فبئس مأوى {المتكبرين} عن الإيمان.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ادْخُلُوا أبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيها" يقول تعالى ذكره لهم: ادخلوا أبواب جهنم السبعة من كل باب منها جزء مقسوم منكم.
"فَبِئْسَ مَثْوَى المُتُكَبّرِينَ "يقول: فبئس منزل المتكبرين في الدنيا على الله أن يوحدوه، ويؤمنوا برسله اليوم جهنم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
لما حكى الله تعالى ما يقال للكفار من قوله "ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون "حكى أيضا أنه يقال لهم "ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها" أي مؤبدين فيها لا انقطاع لكونكم فيها ولا نهاية لعقابكم. وقيل: إنما جعل لجهنم أبواب كما جعل فيها الأدراك تشبيها بما يتصور الإنسان في الدنيا من المطابق والسجون والمطامير، فإن ذلك أهول وأعظم في الزجر...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان السياق لذم الجدال، وكان الجدال إنما يكون عن الكبر، وكان الفرح غير ملازم للكبر، لم يسبب دخول النار عنه، بل جعله كالنتيجة لجميع ما مضى فقال: {ادخلوا} أي أيها المكذبون.
ولما كان في النار أنواع من العذاب، دل على تعذيبهم بكل نوع منها بذكر الأبواب جزاء على ما كانوا يخوضون بجدالهم في كل نوع من أنواع الأباطيل فقال: {أبواب جهنم} أي الدركة التي تلقي صاحبها بتكبر وعبوسة وتجهم.
{خالدين فيها} أي لازمين لما شرعتم فيه بالدخول من الإقامة لزوماً لا براح منها أصلاً.
ولما كانت نهاية في البشاعة والخزي والسوء، وكان دخولهم فيها مقروناً بخلودهم سبباً لنحو أن يقال فهي مثواكم، تسبب عنه قوله: {فبئس مثوى} دون أن يقال: مدخل.
{المتكبرين} أي موضع إقامتهم المحكوم بلزومهم إياه؛ لكونهم تعاطوا ما ليس لهم، ولا ينبغي أن يكون إلا الله يقول الله تعالى:"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعنيهما قصمته".
ولم يؤكد جملة {بئس} هنا لأن مقاولتهم هذه بنيت على تجدد علمهم في الآخرة بأحوال النار، وأحوال ما سببها، والتأكيد يكون للمنكر ومن في عداده، وحال كل منهما مناف للعلم، وزاد ذلك حسناً أن أصل الكلام مع الأعلم للسر الذي تقدم -صلى الله عليه وسلم فبعد جداً من التأكيد.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين).. يا مغيث! وأين اذن كان السحب في السلاسل والأغلال، وكان الماء الحار والنار؟ يبدو أنها كانت مقدمة للدخول في جهنم للخلود..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {ادْخُلوا أبْوَابَ جَهَنَّم} يجوز أن تكون استنئافاً بيانياً لأنهم لما سمعوا التقريع والتوبيخ وأيقنوا بانتفاء الشفيع ترقبوا ماذا سيؤمر به في حقهم فقيل لهم {أدْخُلوا أبوَابَ جهنَّم}، ويجوز أن تكون بدل اشتمال من جملة {ذلكم بِمَا كنتم تفرحون} الخ، فإن مدلول اسم الإِشارة العذابُ المشاهد لهم وهو يشتمل على إدخالهم أبواب جهنم والخلودَ فيها.
ودخول الأبواب كناية عن الكون في جهنم لأن الأبواب إنما جعلت ليسلك منها إلى البيت ونحوه.
و {خالدين} حال مقدرة، أي مقدراً خلودكم...
والمثوى: محل الثواء، والثواء: الإِقامة الدائمة، وأوثر لفظ {مثوى} دون (مُدخل) المناسبِ ل {ادخلوا} لأن المثوى أدل على الخلود فهو أولى بمساءتِهم.
والمراد بالمتكبرين: المخاطبون ابتداء لأنهم جادلوا في آيات الله عن كِبْر في صدورهم كما قال تعالى: {إنَّ الذين يجادلون في ءايات الله بِغَير سلطان أتاهم إن في صُدُورهم إلاَّ كِبْرٌ مَا هُم ببالغيه} [غافر: 56] ولأن تكبرهم من فرحهم.
وإنما عدل عن ضميرهم إلى الاسم الظاهر وهو {المتكبرين} للإِشارة إلى أن من أسباب وقوعهم في النار تكبرهم على الرسل. وليكون لكل موصوف بالكِبْر حظ من استحقاق العقاب إذا لم يتُب ولم تغلب حسناته على سيئاته إن كان من أهل الإِيمان.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ولمثل هؤلاء يصدر الخطاب الإلهي: (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين). هذه الآية تؤّكد مرّة اُخرى على أنّ التكبر هو أساس المصائب، ذلك أنّ التكبر هو قاعدة الفساد، ويحجب البصائر عن رؤية الحق ويجعل الإنسان يخالف دعوة الأنبياء (عليهم السلام).
ثم تشير الآية إلى أبواب جهنّم بقوله تعالى: (أبواب جهنّم). ولكن هل الدخول من أبواب جهنّم يعني أن لكل مجموعة باب معين تدخل منه، أو أنّ كلّ مجموعة منهم تدخل من أبواب متعدّدة؟ أي أنّ جهنّم تشبه السجون المخيفة التي تتداخل فيها الأبواب والدهاليز والممرات والطبقات، فبعض الضالين المعاندين يجب أن يسلكوا كلّ هذه الأبواب والممرات والطبقات قبل أن يستقروا في قعر جهنّم. على خلاصته بالشكل الآتي: إنّ أبواب جهنم كأبواب الجنّة إشارة إلى العوامل المختلفة التي تؤدي بالإنسان إلى دخولها، فكل نوع من الذنوب أو نوع من أعمال الخير يعتبر باباً. وثمّة ما يشير الى ذلك في الروايات الإسلامية،
ووفق هذا المعنى فإنّ العدد (7) هو كناية عن الكثرة، وما ورد في القرآن الكريم من أنّ للجنّة ثمانية أبواب هو إشارة إلى ازدياد عوامل الرحمة على عوامل العذاب.
(راجع ذيل الآية 44 سورة الحجر). وهذان التّفسيران لا يتعارضان فيما بينهما...
ولما كان السياق لذم الجدال ، وكان الجدال إنما يكون عن الكبر ، وكان الفرح غير ملازم للكبر ، لم يسبب دخول النار عنه ، بل جعله كالنتيجة لجميع ما مضى فقال : { ادخلوا } أي أيها المكذبون .
ولما كان في النار أنواع من العذاب ، دل على تعذيبهم بكل نوع منها بذكر الأبواب جزاء على ما كانوا يخوضون بجدالهم في كل نوع من أنواع الأباطيل فقال : { أبواب جهنم } أي الدركة التي تلقي صاحبها بتكبر وعبوسة وتجهم { خالدين فيها } أي لازمين لما شرعتم فيه بالدخول من الإقامة لزوماً لا براح منها أصلاً .
ولما كانت نهاية في البشاعة والخزي والسوء ، وكان دخولهم فيها مقروناً بخلودهم سبباً لنحو أن يقال : فهي مثواكم ، تسبب عنه قوله : { فبئس مثوى } دون أن يقال : مدخل { المتكبرين * } أي موضع إقامتهم المحكوم بلزومهم إياه لكونهم تعاطوا ما ليس لهم ، ولا ينبغي أن يكون إلا الله يقول الله تعالى : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعنيهما قصمته " ولم يؤكد جملة { بئس } هنا لأن مقاولتهم هذه بنيت على تجدد علمهم في الآخرة بأحوال النار ، وأحوال ما سببها ، والتأكيد يكون للمنكر ومن في عداده ، وحال كل منهما مناف للعلم ، وزاد ذلك حسناً أن أصل الكلام مع الأعلم للسر الذي تقدم - صلى الله عليه وسلم فبعد جداً من التأكيد .