نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱدۡخُلُوٓاْ أَبۡوَٰبَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ فَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَكَبِّرِينَ} (76)

ولما كان السياق لذم الجدال ، وكان الجدال إنما يكون عن الكبر ، وكان الفرح غير ملازم للكبر ، لم يسبب دخول النار عنه ، بل جعله كالنتيجة لجميع ما مضى فقال : { ادخلوا } أي أيها المكذبون .

ولما كان في النار أنواع من العذاب ، دل على تعذيبهم بكل نوع منها بذكر الأبواب جزاء على ما كانوا يخوضون بجدالهم في كل نوع من أنواع الأباطيل فقال : { أبواب جهنم } أي الدركة التي تلقي صاحبها بتكبر وعبوسة وتجهم { خالدين فيها } أي لازمين لما شرعتم فيه بالدخول من الإقامة لزوماً لا براح منها أصلاً .

ولما كانت نهاية في البشاعة والخزي والسوء ، وكان دخولهم فيها مقروناً بخلودهم سبباً لنحو أن يقال : فهي مثواكم ، تسبب عنه قوله : { فبئس مثوى } دون أن يقال : مدخل { المتكبرين * } أي موضع إقامتهم المحكوم بلزومهم إياه لكونهم تعاطوا ما ليس لهم ، ولا ينبغي أن يكون إلا الله يقول الله تعالى : " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعنيهما قصمته " ولم يؤكد جملة { بئس } هنا لأن مقاولتهم هذه بنيت على تجدد علمهم في الآخرة بأحوال النار ، وأحوال ما سببها ، والتأكيد يكون للمنكر ومن في عداده ، وحال كل منهما مناف للعلم ، وزاد ذلك حسناً أن أصل الكلام مع الأعلم للسر الذي تقدم - صلى الله عليه وسلم فبعد جداً من التأكيد .