تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

15

{ ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور } .

المفردات :

جزيناهم : عاقبناهم .

الكفور : المبالغ في الكفر المتشبت به .

التفسير :

أي ذلك العقاب الذي نزل بهم حيث دمرت البساتين الخضراء المثمرة ولم تبق لهم إلا أشجار متفرقة في الصحراء كثيرة الشوك قليلة النفع والفائدة ، هذا الجزاء العادل والعقاب الرادع بسبب كفرهم بنعمة الله حيث أهملوا سد مأرب وأعرضوا عن الإيمان بالله فاستحقوا هذه العقوبة وهل نجازي الجزاء المؤلم والعقوبة الرادعة إلا لكثير الكفر المصر على الجحود والمبالغ فيه ؟ .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

ذلك هو الجزاء الذي جازاهم إياه الله بكفرهم النعمة وعدم شكرها ، { وَهَلْ نجزي إِلاَّ الكفور } .

كان سد مأرب من أعظم السدود التي تجمع المياء في اليمن ، وكان يسقي مساحة كبيرة قدرها المؤرخون والخبراء بنحو ثلاثمائة ميل مربع .

وكانت مدينة مأرب أغنى المدن القديمة في جنوب شبه الجزيرة العربية ومن أهم المراكز لحضارةٍ وثقافة قديمتين ، يرجع تاريخهما إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام مضت . وكانت محطةَ استراحة لرحلات طويلة لقوافل التصدير التي كانت تنقل المنتجاتِ الزراعيةَ والصناعية كالبخور واللبان والدارصيني والمُرَ والقرنفل والبلسم وسائر العطور ، وكذا الصمغ والقرفة ثم الأحجار الكريمة ، والمعادن . . . . وعلى مسافة كيلومترين إلى الجنوب من مدينة مأرب يقوم أحد روائع الفن اليمني القديم وهو معبد « المقه » ، ومعناه في لغة سبأ « الإله القمر » ، ويطلق عليه المؤرخون : عرش بلقيس . وهو بناء ضخم على شكل مثلث لا يزال محتفظا برونقه الزاهي ومظهره المصقول ، ويبلغ قُطره نحو ألف قدم ، ولا تزال بعض أعمدته قائمة حتى اليوم .

ولا تزال آثار السد باقيةً إلى الآن ، ويرجع تاريخ بنائه إلى ما قبل 2700 عام ، وقد بناه سبأ الأكبر حفيد جد العرب : يعرب بن قحطان . « ملخص عن اليمن عبر التاريخ » .

قراءات :

قرأ حمزة ويعقوب والكسائي وحفص : { هل نجازي إلا الكفورَ } نجازي بالنون وبنصب الكفور ، والباقون : { هل يجازي الا الكفورُ } يجازى بالياء مبني للمجهول والكفور مرفوع .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

قوله : { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا } { ذَلِكَ } في موضع نصب مفعول ثان مقدم . والإشارة عائدة إلى ما ذكر من التبديل وما أجراه الله عليهم من تخريب بلادهم بالسيل الشديد وإغراق أكثرهم وتمزيقهم في البلاد شذر مذر وإبدالهم بالأشجار ذات الفواكه الطيبة المستلذة ، الخمط والأثل والسِّدر ، وسبب ذلك هو كفرهم بالله وإنكار نعمته . وهو قوله : { جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا } أي جزيناهم التمزيق والتفريق والقحوط بسبب تكذيبهم وجحودهم نعمة الله .

قوله : { وَهَلْ نُجَازِي إِلاّ الْكَفُورَ } { الْكَفُورَ } ، مفعول به ؛ أي هل نجازي مثل هذا الجزاء الشديد إلا المبالغ في الجحود والكفران . وما ينبغي أن يتوجه على ذلك إشكال بأن المؤمن قد يعاقب في العاجل . فإن ما يعاقب به المؤمن ليس بعقاب على الحقيقة بل هو تمحيص{[3803]}


[3803]:تفسير النسفي ج 3 ص 322 وروح المعاني ج 22 ص 128 والبحر المحيط ج 7 ص 260-261