فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدّم من التبديل ، أو إلى مصدر { جزيناهم } والباء في { بِمَا كَفَرُواْ } للسببية ، أي ذلك التبديل ، أو ذلك الجزاء بسبب كفرهم للنعمة بإعراضهم عن شكرها { وَهَلْ نُجْزِى إِلاَّ الكفور } أي وهل نجازي هذا الجزاء بسلب النعمة ، ونزول النقمة إلاّ الشديد الكفر المتبالغ فيه . قرأ الجمهور ( يجازى ) بضم التحتية ، وفتح الزاي على البناء للمفعول . وقرأ حمزة ، والكسائي ، ويعقوب ، وحفص بالنون ، وكسر الزاي على البناء للفاعل ، وهو الله سبحانه ، والكفور على القراءة الأولى مرفوع ، وعلى القراءة الثانية منصوب ، واختار القراءة الثانية أبو عبيد ، وأبو حاتم قالا : لأن قبله { جزيناهم } ، وظاهر الآية : أنه لا يجازى إلاّ الكفور مع كون أهل المعاصي يجازون ، وقد قال قوم : إن معنى الآية : أنه لا يجازى هذا الجزاء ، وهو الاصطلام والإهلاك إلاّ من كفر . وقال مجاهد : إن المؤمن يكفر عنه سيئاته ، والكافر يجازى بكل عمل عمله . وقال طاووس : هو المناقشة في الحساب ، وأما المؤمن فلا يناقش . وقال الحسن : إن المعنى إنه يجازي الكافر مثلاً بمثل ، ورجح هذا الجواب النحاس .

/خ21