اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ} (17)

ثم بين ( الله ){[44460]} تعالى أن ذلك ( كان ){[44461]} مجازاة لهم على كفرانِهم فقال : { جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نجازي } بذلك الجزاء «إلاَّ الكَفُور » .

قوله : { وَهَلْ نجازي } قرأ الأَخَوَانِ وحفصٌ نُجَازِي بنون العظمة وكسر الزاي لقوله : «جَزَيْنَاهُمْ » أي ( نحن ){[44462]} ( وهل نُجَازِي{[44463]} هَذَا الجَزَاءَ ) إلا الكفور مفعول به والباقون بضم الياء وفتح الزاي مبنياً للمفعول{[44464]} إلا الكفور رفع على ما لم يسم فاعله ومسلم{[44465]} بن جُنْدُب «يُجْزَى » للمفعول{[44466]} إلاَّ الكَفُور رفعاً على ما تقدم وقرئ «يَجْزِي » مبنياً للفاعل وهو اللَّهُ تَعَالى «الكَفُورَ » نصباً على المفعول به{[44467]} .

فصل

قال مجاهد : يجازي أي يعاقب ويقال في العقوبة يجازي وفي التوبة يجزى{[44468]} . قال الفراء : المؤمن يجزى ولا يجازى{[44469]} أي يُجْزَى الثوابَ بعَملِهِ ولا يكأفَأُ بسيِّئَاته . وقال بعضهم : المجازاة يقال في النعمة والجزاء في النقمة لكن قوله تعالى : { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفْرُوا } يدل على أن «يَجْزي » في النَّقمة ولعل من قال ذلك أخذه من المجازاة مفاعلة وهي في أكثر الأمر يكون ما بين اثنين يؤخذ من كل واحد جزاء في حق الآخر وفي النعمة لا تكون مجازاة لأن الله مبتدِئٌ بالنعم{[44470]} .


[44460]:سقطا من "ب".
[44461]:سقطا من "ب".
[44462]:سقط من "ب".
[44463]:زيادة من (ب).
[44464]:الفراء 2/359 والسبعة 528 والإتحاف 359.
[44465]:أبو عبد الله الهذلي المدني القاضي تابعي مشهور روى عن أبي هريرة وعرض على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عرض عليه نافع بعد سنة عشر ومائة. انظر: غاية النهاية 2/297.
[44466]:ذكره في المحتسب 2/188 والمختصر 121 والبحر 7/271.
[44467]:قال ابن جني في المحتسب: "وقال أبو حاتم : وهل يجازي إلا الكفور بالنصب قراءة قتادة وابن وثاب والنخعي في جماعة ذكرهم". وهذه القراءات شاذة غير متواترة وشذوذه رواية لا قياسا.
[44468]:معالم التنزيل للبغوي 5/288.
[44469]:قال: "وأما المؤمن فيجزى لأنه يزاد ويتفضل عليه ولا يجازي" معاني القرآن 2/359.
[44470]:ذكره الرازي في تفسيره 25/252.